[منهج الإسلام في معاملة الحيوان]
هذه هي عبودية العجماوات، والعجيب أن الفساق الذين مسخت الفطر منهم يأتون إلى الجمل ويضعون في أنفه (السيجارة) يريدون أن يغيروا هذه الفطرة التي خلقها الله تبارك وتعالى عليها.
ومن ذلك الفرس، ففي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: (إنه ليس من فرس عربي إلا ويؤذن له عند كل سحر بدعوتين: اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب أهله وماله إليه).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وقد أجيبت دعوة الفرس) هذه دعوة مجابة، فالفرس يتوجه بالعبادة إلى الله تبارك وتعالى وبالدعاء، وما سمعنا أن فرساً يعبد فرساً، ولا نملة تعبد نملة، ولكن سمعنا أن أناساً يعبدون أناساً، ويجعلون منهم طواغيت.
والفرس يدعو الله بقوله: (اللهم إنك خولتني من خولتني من ابن آدم فاجعلني من أحب ماله وولده إليك).
قال الله تعالى في الفرس: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} [العاديات:١ - ٥].
بالله عليكم أين سخرت هذه الدعوة أما رفعها الله تبارك وتعالى؟ والنمل كما يقول العلماء: حيوان صغير، يقول فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم: (قرصت نملة نبياً من الأنبياء، فأمر بقرية فأخرج من تحت الشجرة، ثم أحرق قرية النمل فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح) كما يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:٤٤].
كل كنى عن شوقه بلغاته ولربما أبكى الفصيح الأعجم فهل النمل حيوان قاتل، هل النمل يعقل؟ يخلق الله تبارك وتعالى فيه إدراكاً قد يغيب عن بعض البشر.
أنت إذا استمعت إلى كتاب في أيامنا هذه فإنها ستختلط عليك الأمور، ويصير المعروف منكراً، والمنكر معروفاً حتى من يصلون معك، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ستأتي على الناس قرون خداعة يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة؛ قال: وما الرويبضة؟ قال: السفيه يتكلم في أمر العامة).
فالزنادقة تتكلم في أمر العامة والسفيه يتكلم في أمر العامة، أما النمل فحاله كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليستغفرون لمعلم الخلق).
يعني: نملة تسبح لله تبارك وتعالى، وتعلم أن هذا معلم خير فتستغفر له، وأن هذا داعية إلى الضلالة والفسق، فلا تستغفر له، فالنملة وهي في جحرها لتستغفر لمعلم الناس الخير، والحيتان في قاع البحار تقول: اللهم اغفر لعبدك، اللهم اغفر لعبدك، فإنه يدعو إلى قرآنك وإلى كتابك ولا تختلط عليه الأمور، وإن اختلطت على بعض الناس فهو إضرار يجعله الله تبارك وتعالى في خلقه.