قال تعالى:{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[النجم:٢].
في كلمة (صاحبكم) تبكيت للمشركين، أي: أنتم تعلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كنتم تسمونه بالصادق الأمين قبل مجيء الوحي إليه، فلما جاءه النور وزاده نوراً فوق نوره غيرتم القول وقلتم: إنه المجنون وإنه الأفاك، وإنه الكذاب.
{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ}[النجم:٢]، فأنتم تعرفونه جيداً وهو معروف عند أهل الحي بالاستقامة والنزاهة قبل أن يعرف طريق الله عز وجل، فما هو ببعيد عنكم، ولم ينزل إليكم من المريخ ولا من كوكب آخر، وقد كنتم تنعتونه بكل نعت جميل، فإذا ما التزم بدين الله عز وجل صار هو المتطرف، وصار كذا وكذا.
وقوله:{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ}[النجم:٢] الضلال: هو الانحراف في طريق العلم، وهو ضد الهدى.
قوله:{وَمَا غَوَى}[النجم:٢] الغواية: ضد الرشاد، وضد الرشد الانحراف، فيزكي الله تبارك وتعالى نبيه ويثني عليه بكمال العلم والعمل؛ لأن الانحراف في أي طريق يؤدي إلى الدمار دمار أن تعلم ثم لا تعمل، أو أن تعمل بغير هدى من الله تبارك وتعالى.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون) الأمة الغضبية أمة اليهود؛ لأنهم علموا وكتبوا أو علموا وكتموا، والنصارى ضالون؛ لأنهم لم يعرفوا طريق الهدى فاتبعوا البدع؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من ضل من علمائنا فله صفات انتساب إلى اليهود في كتم العلم وقساوة القلب، ومن ضل من عبادنا فله نسب إلى النصارى.
ولذلك فلاسفة الصوفية كـ ابن سبعين، وابن عربي، وابن الفارض قالوا بوحدة الوجود والحلول، وهي مثل مقالة النصارى.
{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ}[النجم:٢] الانحراف في العلم، {وَمَا غَوَى}[النجم:٢] ألا تعمل بهذا العلم، وهذه مصيبة.