للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخوف من زوال رقة القلب]

وهناك الخوف من زوال رقة القلب، فتقسو القلوب، كما قال الله عز وجل: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:٧٤].

أتى وفد اليمن سيدنا أبا بكر في زمن الخلافة، فلما سمعوا القرآن بكوا، فقال سيدنا أبو بكر: هكذا كنا حتى قست القلوب.

ويقول أبو بكر: يا ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل، يا ليتني كنت شعرة في صدر امرئ مسلم، أو في جنب امرئ مسلم.

قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦].

وما كان بين إسلامهم وعتاب الله عز وجل لهم بهذه الآية إلا أربعة سنين، وكأن الله عز وجل استبطأ الصحابة فعاجلهم بهذه الآية بعد أربعة سنين فقط.

فحذار -يا أخي- من قسوة القلب، فإن القلب إذا قسا لا تنفع فيه المواعظ أبداً، وإذا حضر قلبك فأقل شيء تراه يذكرك بالله عز وجل، وإن غاب قلبك فإن مائة ألف نبي لا يوصلون إليك موعظة.