للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة إلا أن يقوم دليل المجاز على ما لا خفاء به على من طالع علم الأصول، فإذا ثبت ذلك فليرج بنا الكلام إلى تفسير حديث عائشة - رضي الله عنها - ومن ذلك قولها -رضي الله عنها: "بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت) " هل ذلك بمعنى واحد أم لا؟

فمنهم من يقول: إنهما بمعنى واحد على التأكيد والتكرار، وهو أشبه بمذهب ابن القاسم.

ويقال: شرى، واشترى بمعنى واحد.

وقيل: هما بمعنيين، وأن شريت بمعنى: بعت، واشتريت: على بابه، بمعنى أن صار الأمر فيما بعت واشتريت إلى الربا، وهذا التأويل يطيب جناه لعبد الملك الذي يرى فسخ البيعتين جميعًا -الأولى والثانية.

وقد روي: (بئس ما اشتريت أو بئس ما شريت) على الشك من الراوي، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها -في الحديث "أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وقد ذهب بعض المتأخرين إلى تضعيف هذا الخبر؛ لما فيه من بطلان الجهاد، وأن ظاهره يقتضي إحباط الأعمال بالذنوب، وذلك خلاف نص كتاب الله وسنة رسوله.

ومذهب أهل السنة قاطبة: أن الأعمال لا تحبط بالذنوب؛ ومن ذلك اختصاصها الجهاد بالذكر دون سائر الأعمال وأنواع قرباته، ولا شك أن زيدًا كانت له الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة والجهاد، وأنواع البر كلها، وهو من فضلاء الصحابة، وأنه آخر كتَّاب الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فوجه تأويل قولها -رضي الله عنها: أن ذلك خروج على معنى كلام

<<  <  ج: ص:  >  >>