قبضه على القول بأن النهي إنما ورد في الطعام المدخر وسلم من ربا التفاضل أيضًا ولم يبق إلا التأخير اليسير قدر ما بين الاختيارين مع الغرر اليسير لكون البيع وقع بينهما والبائع لا يدري العين الذي أوقع عليها البيع في الحال. والخطب في ذلك يسير.
والذي يتحصل من مجموع السؤالين ومقتضى الفصلين: إذا اشترى المشتري ثمر عشر نخلات يختارها أو استثنى البائع ثمر عشر نخلات يختارها. ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: الجواز عمومًا في البائع والمشتري، وهو نص قول مالك في "المدونة" في البائع بعد أن توقف فيها نحوًا من أربعين ليلة.
والثاني: المنع عمومًا في البائع والمشتري، وهو نص قول ابن القاسم في المشتري، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب".
وسبب الخلاف: ما قدمناه في المخير بين شيئين هل يعد مختارًا لما ترك أم لا؟
ووجه قول من فرق بين البائع والمشتري أن المشترى في الحائط دخيل جاهل بأجناس الحائط وأنواعه واختلاف نواحيه. فهذا عند الاختيار مخير فربما رأى أصولًا موفورة بثمار مذللة فيختارها في نفسه ظنًا أن ذلك أفضل ما في الحائط ثم يجول فيها ويرى ما هو أفضل مما اختار أولًا ثم يصرح بالتخيير ساعتئذ والبائع بخلاف ذلك لأنه في الحائط أصيل وقد عرف أرجاءه وأركانه ونواحيه وما فيه من الأنواع وما يكثر حمله ويقل، وما يحمل في زمان ويتعطل في زمان فإنه بنفس ما استثنى وقعت رغبته في أصول معروفة قد كانت عينه عليها قبل البيع أو في حين البيع ثم لا يتهم في التردد والانتقال.