للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتمعت منها خصلتان في رجل رأيت أن يولي العلم والورع.

قال ابن حبيب: وإن لم يكن في الرجل علم وورع، فعقل وورع؛ فإنه بالعقل يسل وبالورع يقف، فإذا طلب [العلم] (١) وجده، وإن وجد العقل لم يجده.

ومن سيرة القضاة اتخاذ المجلس، وأن يكون في المسجد، ويرضى فيه بالدون من المجلس؛ ولهذا قال مالك -رحمه الله- القضاء في المسجد من الحق، وهو من الأمر القديم.

فإذا اتخذ المجلس وعين الوقت للجلوس، فقد استراح وأراح غيره، ولا يطول في المجلس؛ لأن ذلك مما يضر به ويذهب بفطنته، وإنما تكون أوقات واسعات معلومة للجلوس.

ولا ينبغي أن يقضي وهو يمشي إلا في الشيء اليسير، وأجاز ذلك أشهب إذا كان ذلك يضرُّ به.

واختلف هل يجلس للقضاء فيما بين العشاءين أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أنه لا يجلس من حدث في تلك الساعة يأمر فيه، وينهى مما يخشى فواته، وأما أن يجلس لفصل القضاء واستيعاب البينات والتعرض لاستيفاء حجج الخصوم فلا، وهو قول ابن القاسم.

والثاني: أنه يجوز الجلوس بين المغرب والعشاء لمن أراد المجيء، ولا يكلف ذلك أحد، ولا يجلب الكاره، وهو قول أشهب في "المجموعة".

وقال محمد بن عبد الحكم: لا ينبغي للحكم أن يجلس أيام النحر، ولا يوم الفطر، ولا ما قاربه مما يضر فيه بالناس في حوائجهم ولابد لهم، وكذلك يوم عرفة، ويوم التروية مما جرى عليه من الناس، وكذلك إذا


(١) في أ: العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>