بمقتضاه، ولا جرم، فإنه لم يخرج على منهاج الأصول إلا القولان المتقابلان لا غير.
وما عداهما من جملة الأقاويل بموضع الاستحسان جارية على غير قياس، وهذا كله إذا غصب الأصل.
وأما إذا غصب المنفعة دون الأصل، فإنه يرد الغلة قولًا واحدًا، سواء استغل أو استعمل أو عطل.
واختلف في الغاصب إذا رد الغلات، هل يرجع بما أنفق على العبد، والدَّابة، وبالسقى، والعلاج، على ثلاثة أقوال:
أحدهما: أنه يرجع بذلك ما لم يجاوز الغلة، وهو قول ابن القاسم في "المدونة"، و"الموازية".
والثاني: أنه لا يرجع بشيء من ذلك، وهو قول ابن القاسم في "الموازية".
والثالث: التفصيل بين أن يكون المغصوب منه ممن يتولى خدمة ذلك الشيء وعنايته أم لا؟
فإن كان ممن يتولى الخدمة بيده ويباشر السقى، والعلاج بيده، فلا شيء عليه في السقى، والعلاج.
وإن كان ممن عادته أن يستأجر على مثل ذلك دون أن يباشره بنفسه، فإنه يغرم السقى، والعلاج، وهو قول أصبغ في "كتاب ابن حبيب" فيمن تعدّى على بقعة رجل فزرعها أو تعدى على زرعه فحصده.
ووجه القول بأنه لا شيء له من قيمة السقى والعلاج، أن السقى لا عين له قائمة، فأشبه خياطة الغاصب، فإن صاحبها يأخذها بلا غرم؛ لأن الخياطة مستهلكة العين، والمغصوب منه إنما يغرم ما لو قلع [فانتفع](١)