أحدهما: أنه لا يُصدق إلا ببينة، وهو نصُّ المذهب وهو المشهور.
والثاني: أنه يُصدّق على أحد الأقوال في الأمانة.
وكون الذمة القابضة بإقرارها مُتخرّبة يوجب تضمين الدافع؛ لأنه فرّط بترك الإشهاد، فيُوهم أن يكون اتفق مع المُقر بالقبض، فيُعاقب بنقيض مقصوده.
وأما الوجه الثاني: إذا قبض من أمانة إلى أمانة، مِثْل: أن يكون لرجلٍ وديعةٌ عند رجل، فوكّل وكيلًا يقبضها منه فدفعها له المودع بغير بينة، وادَّعى الوكيل أنه [قد](١) قبضها منه وضاعت، فهل يبرأ الدافع بإقرار القابض أم لا؟ فالمذهب على قولين قائمين من المُدونة:
أحدهما: أن الدافع يبرأ بتصديق القابض، والضمان من الأمر، وهو قول ابن القاسم في كتاب الوديعة.
والثاني: أنه لا يبرأ إلا بإقامة البينة على الدافع أو يأتي القابض بالمال، وهو قول ابن القاسم في "كتاب ابن المواز" أيضًا، وهو ظاهر "المدونة" أيضًا من غير ما موضع لإطلاقه عليه الضمان إلا أن يأتي بالمال أو يُقيم الدافع البينة على الدفع، ولم يفصِّل بين ما خرج من أمانة إلى أمانة ولا إلى ذمة، ولا مِنْ ذمة إلى ذمة ولا إلى أمانة، والقولان المنصوصان عن ابن القاسم في "ثمانية أبي زيد".
وأما الوجه الثالث: إذا قبض مِن ذمة إلى أمانة، مثل: أن يكون له دين على رجل، فوكّل رجلًا بقبضهِ منه، فأقرّ الوكيل بقبضه منه، وأنه قد -ضاع بعد القبض، فلا يخلو من أن يدفَعَهُ إليه ببينة أو بغير بينة.