للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم دخلت في اعتكافها، فهل يجزئها ذلك أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أنه يجزئها.

وهي رواية ابن وهب عن مالك، وهو ظاهر المدونة؛ لأنه قال: ترجع، أي: ساعة طهرت.

فإن كان زمانًا ينعقد فيه الصيام اعتدت بذلك الزمان.

والثاني: أنه لا يجزئها، وإن طهرت قبل الفجر، ونوت الصيام حتى يكون دخولها من أول الليل كابتداء الاعتكاف، وهو قوله سحنون في "النوادر" (١).

فهذا تحصيل الخلاف في هذا الوجه وبقى توجيه ما فيه من الأقوال:

فوجه القول الأول: أن المعتكف إذا خرج لعذر أنه يبقى في حرمة الاعتكاف؛ وذلك أن الاعتكاف هو اللبث في مكان مخصوص؛ فإذا طرأ عليه عذر يمنعه من الدوام في المسجد: فلا يخرجه عن سنة الاعتكاف [وذلك أن الاعتكاف هو اللبث في مكان مخصوص فلا يجزئه ذلك عن سنة الاعتكاف] (٢) في اعتبار حقوقه، والوفاء بسائر شروطه؛ كالراعف إذا خرج ليغسل الدم.

ووجه قول من قال: إنه يتصرف في جميع أموره داخلًا وخارجًا خلا المباشرة؛ لأن الاعتكاف لما عدم منه الصوم الذي هو أصل الاعتكاف، وركن من أركانه خرج من أن يكون معتكفًا على الحقيقة إلا فيما نص الله تعالى أنه لا يجوز فعله مع بقاء اسم الاعتكاف، وهو المباشرة.

ووجه القول: بأنهما يرجعان إلى المسجد -أي: ساعة زال العذر- هل


(١) انظر: النوادر (٢/ ٩٧).
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>