للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابِ {الحمد لله رب العالمين} كما ذكَره.

وحديثُ نُعَيمٍ المُجْمِرِ عن أبي هريرةَ: أنه قرأَ {بسم الله الرحمن الرحيم}، ثم قرأ بأمِّ القرآنِ (١)؛ فيه دليلٌ على أنها ليستْ من أمِّ القرآنِ، ولم يقُلْ أحدٌ: إنَّها يُجهَر بها مع أنَّها ليستْ من الفاتحةِ.

فالحاصلُ: أنَّ أبا هريرةَ إنْ كان جهَر بها فذلك ليُعلِّمَهم أنَّها مُستحَبةٌ قراءتُها؛ كما جهر عمرُ بالاستفتاحِ، ويكونُ حديثُه بالقسمةِ موافقًا لأنسٍ وعائشةَ.

هذا إن كان حديثُه دالًّا على الجهرِ، فإنه مُحتمِلٌ، فإن فيه أنَّه قرأ بها، ومجرَّدُ قراءتِه بها لا يدلُّ على الجهرِ، فإن قارئَ السرِّ قد تُسمَعُ قراءتُه إذا قَويتْ، أو أنَّ أبا هريرةَ أخبَرَه بقراءتِها، وقد روي عن النبيِّ أنه كان يقرأُ في الآخرتينِ بفاتحةِ الكتابِ (٢)، وهي قراءةُ سرٍّ.

وأما حديثُ سليمانَ التَّيْميِّ الذي صحَّحَه الحاكمُ (٣): فيُعلَمُ أولًا أنَّ الحاكمَ مُتساهِلٌ في بابِ التصحيحِ؛ حتى إنَّه يصحِّحُ ما هو موضوعٌ،


(١) رواه النسائي (٩٠٥)، وابن خزيمة (٤٩٩)، والدارقطني (١١٦٨).
(٢) رواه البخاري (٧٥٩)، ومسلم (٤٥١) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
(٣) وهو ما رواه الحاكم في المستدرك (٨٥٤) عن محمد بن أبي السري العسقلاني قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وسمعت المعتمر يقول: ما آلو أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس بن مالك: ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>