للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة} قالوا: هذا تنقُّصٌ بالمسيحِ، وسوءُ أدبٍ معَه.

وهكذا المنتسِبونَ إلى هذه الأمةِ، تجدُ أحَدَهم يغلو في قدوتِه؛ حتى يكرهَ أن يُوصَفَ بما هو فيه، ومعَ هذا فهو يُكذِّبُه، ويقولُ على الله العظائمَ، وهذا بابٌ يطولُ، والمقصودُ التنبيهُ عليه.

إذا عُرِف ذلك: فقد اتفقَ سلَفُ الأمةِ وجميعُ الطوائفِ الذينَ لهم قولٌ مُعتبَرٌ: أن مَن سِوى الأنبياءِ ليس بمعصومٍ، لا من الخطأِ، ولا من الذنوبِ، سواءٌ كان صِدِّيقًا، أو لم يكُنْ، ولا فرقَ بينَ أن يقولَ: هو معصومٌ، أو محفوظٌ، أو ممنوعٌ.

قال الأئمةُ: كلُّ أحدٍ يُؤخَذُ من كلامِه ويُترَكُ؛ إلا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ولهذا اتفقَت الأمةُ على أنه معصومٌ فيما يُبلِّغُه عن ربِّه، وقد اتفقوا على أنَّه لا يُقَرُّ على الخطأِ في ذلك، وكذلك لا يُقَرُّ على الذنوبِ، لا صغائرِها ولا كبائرِها.

ولكن تنازعوا: هل يقعُ منهم بعضُ الصغائرِ معَ التوبةِ منها، أو لا يقعُ بحالٍ؟

فقال بعضُ متكلِّمِي أهلِ الحديثِ، وكثيرٌ من المتكلِّمِينَ من الشيعةِ والمعتزلةِ: لا تقعُ منهم الصغيرةُ بحالٍ، وزاد الشيعةُ حتى قال (١): لا يقعُ منهم لا خطأٌ ولا غيرُ خطأٍ.


(١) هكذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>