للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصودَ بيانُ أن هذا العاملَ لا (١) يُجْزى على إحسانِه بالظُّلمِ والهَضْمِ.

فعُلِم أن الظُّلمَ والهضمَ المنفيَّ يتعلقُ بالجزاءِ كما ذكره أهلُ التفسيرِ، وأن اللهَ لا يَجْزيه إلا بعملِه، ولهذا كان الصوابُ: أن اللهَ لا يُعَذِّبُ إلا مَن أذْنبَ.

وكذا قولُه: {وما ربك بظلام للعبيد} يدلُّ الكلامُ على أنه لا يظلِمُ محسنًا فينقُصَه مِن حسناتِه، أو يجعلَها لغيرِه، ولا يظلِمُ مسيئًا فيَحمِلَ عليه سيئات غيرِه، بل {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}، كقولِه: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفَّى ألا تزر وازرة وزر أخرى}، فليس على أحدٍ وِزْرُ غيرِه، ولا يستحقُّ إلا ما سعاه، وكلا القولينِ حقٌّ على ظاهرِه.

وكذلك قولُه فيمن عاقَبَهم: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين}؛ بيَّن أن عقابَ المجرمين عدْلٌ لذنوبِهم واتخاذِهم الآلهةَ التي لم تُغْنِ عنهم شيئًا؛ لا لأنَّا ظلمْناهم فعاقبْناهم بغيرِ ذنبٍ.

وكذا قولُه: {ويا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب} إلى قوله: {وما الله يريد ظلما للعباد}؛ يبيِّن أن هذا العقابَ لم يكُنْ ظلمًا؛ بل لاستحقاقِهم ذلك.

وأيضًا: فالأمرُ الذي لا يمكنُ؛ لا يصلحُ أن يُمْدَحَ الممدوحُ بعدمِ إرادتِه، وإنما يكونُ الممدوحُ (٢) بتركِ الأفعالِ القادرِ عليها، فعُلِم أنه


(١) سقطت (لا) من الأصل، والمثبت من (ك) و (ع) ومجموع الفتاوى.
(٢) في مجموع الفتاوى: المدح.

<<  <  ج: ص:  >  >>