للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ، وتُقيمَ الصلاةَ، وتؤتيَ الزكاةَ، وتصومَ رمضانَ، وتحُجَّ البيتَ»، قال: فما الإيمانُ؟ قال: «أن تؤمِنَ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورسلِه والبعثِ بعدَ الموتِ، وتؤمِنَ بالقدرِ خيرِه وشرِّه»، قال: فما الإحسانُ؟ قال: «أن تعبُدَ اللهَ كأنك تراه، فإن لم تكُنْ تراه فإنه يراك» (١).

ففرَّقَ بينَ الإيمانِ والإسلامِ لمَّا قرن بينهما، وفي ذلك النصِّ أدخل الإسلامَ في الإيمانِ لما أفرده بالذِّكرِ.

وكذلك لفظُ «العملِ»؛ فإن الإسلامَ هو من العملِ، والعملُ الظاهرُ هو موجَبُ إيمانِ القلبِ ومقتضاه، وإذا حصل إيمانُ القلبِ حصَلَ إيمانُ الجوارحِ ضرورةً، ولا بدَّ في إيمانِ القلبِ من تصديقِ القلبِ وانقيادِه، وإلا فلو صدَّق قلبُه أن محمدًا رسولُ اللهِ، وهو يُبْغِضُه ويحسُدُه ويستكبرُ عن متابعتِه؛ لم يكُنْ قد آمَن قلبُه.

والإيمانُ وإن تضمَّن التصديق فليس هو مرادِفًا له، فلا يُقالُ لكلِّ مصدِّقٍ بشيءٍ: إنه مؤمنٌ به، فلو قال: أنا أُصَدِّقُ بأنَّ الواحدَ نصفُ الاثنين، وأن السماءَ فوقَنا، والأرضَ تحتَنا، ونحوَ ذلك مما يشاهدُه الناسُ؛ لم يُقَلْ لهذا: إنه مؤمنٌ بذلك، بل لا يُستعملُ إلا فيمن أَخْبَرَ بشيءٍ من الأمورِ الغائبة؛ كقول إخوةِ يوسفَ: {وما أنت بمؤمن لنا}؛ فإنهم أخبروه بما غاب عنه.


(١) رواه البخاري (٥٠)، ومسلم (٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>