للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواءٌ [صدر ذلك عن] (١) هوى النفسِ أو طاعةِ الخلقِ أو غيرِ ذلك؛ بخلافِ آدمَ، فإنه اعترف أولًا بذنبِه فقال: {ربنا ظلمنا أنفسنا}؛ لأنه لم يكُنْ عنده شيءٌ من منازعةِ الإرادةِ لما أمَر اللهُ به ما يزاحمُ الإلهيةَ، بل ظنَّ صِدقَ إبليسَ، فناسَب: {ربنا ظلمنا أنفسنا} في كونِنا قَبِلْنا غرورَه وما أظهر من نصحِنا ففَرَّطْنا، فكانا محتاجَينِ إلى أن يَربَّهما ربوبيةً تكمِّل حالهما، فلا يغتَرَّا بمثلِ ذلك، فشهِدا حاجتَهما إلى ربِّهما الذي لا يقضي حاجتَهما غيرُه.

وهذا مبنيٌّ على القولِ بالعصمةِ، والناسُ متفقون على أنَّهم معصومون فيما يبلِّغون عن اللهِ، فلا يستقرُّ في ذلك خطأ باتفاقِ المسلمين، لكن هل يتصورُ ما يستدركُه اللهُ، فيَنسَخُ ما يُلقي الشيطانُ ويُحْكِمُ اللهُ آياته؟ هذا فيه قولان، والمأثورُ عن السلفِ يوافقُ القولَ بذلك.

وأما العصمةُ في غيرِ ما يتعلقُ بتبليغِ الرسالةِ: فللناسِ فيه نزاعٌ؛ هل هو ثابتٌ بالعقلِ أو بالسمعِ؟

ومتنازعون في العصمةِ من الكبائرِ أو الصغائرِ أو من بعضِها، أو هل العصمةُ إنما هي في الإقرارِ عليها لا في فِعْلِها؟ أم لا يجبُ القولُ في العصمة إلا في التبليغِ فقط؟ وهل تجبُ العصمةُ من الكفرِ والذنوبِ قبلَ


(١) ما بين المعقوفتين من مجموع الفتاوى ١٠/ ٢٨٦، والذي في النسخ الخطية: (قدر لكل).

<<  <  ج: ص:  >  >>