للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه المسألةِ قولانِ، هما وجهانِ في مذهبِ أحمدَ؛ في رفع الخطيب يديه:

قيل: يستحَبُّ؛ قاله ابنُ عَقيلٍ.

وقيل: لا يستحبُّ بل يكره؛ وهو أصحُّ.

قال إسحاقُ بنُ راهَوَيْهِ: هو بدعةٌ للخاطبِ، إنما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يشيرُ بإصبَعِه إذا دعا.

وأما في الاستسقاءِ لما استسقى على المنبرِ؛ رفع يدَيْه؛ كما رواه البخاريُّ عن أنسٍ، فقد روى أنس هذا الحديثَ: أنه استسقى بهم يومَ الجمعةِ على المنبرِ ورفَع يدَه (١)، وقد ثبَت أنه لم يكُنْ يرفعُ يدَيْه على المنبرِ في غيرِ الاستسقاءِ (٢)، فيكونُ أنسٌ أراد هذا المعنى؛ لا سيَّما وقد كان عبدُ الملكِ أحدثَ رفعَ الأيدي على المنبرِ، وأنسٌ أدرك هذا العصرَ، وقد أنكر ذلك على عبدِ الملكِ [غضيفُ] (٣) بنُ الحارثِ،


(١) رواه البخاري (٩٣٣)، ورواه مسلم (٨٩٧).
(٢) تقدم تخريجه قريبًا.
(٣) في النسخ الخطية: عصف. وصوابه: غضيف بن الحارث الكندي الثمالي، صحابي. ينظر: أسد الغابة ٤/ ٣٢٥، الإصابة في تمييز الصحابة ٥/ ٢٤٩.
والأثر رواه أحمد (١٦٩٧٠)، عن غضيف بن الحارث الثمالي، قال: بعث إلي عبد الملك بن مروان، فقال: يا أبا أسماء، إنا قد جمعنا الناس على أمرين، قال: وما هما؟ قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر، فقال: أما إنهما أمثل بدعتكم عندي، ولست مجيبك إلى شيء منهما، قال: لم؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة»، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>