للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكونُ هو أَخبرَ بالسنَّةِ التي أخبر بها غيرُه؛ من أن النبيَّ لم يكنْ يرفعُ يدَه- يعني: على المنبرِ- إلا في الاستسقاءِ.

وهذا يبيِّنُ أن الاستسقاءَ مخصوصٌ بمزيدِ الرفعِ؛ وهو الابتهالُ الذي ذكره ابنُ عباسٍ.

فالأحاديثُ تأتلِفُ ولا تختلفُ، ومن ظنَّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الرفعِ المعتدلِ جعَل ظهر كفَّيه إلى السماءِ، فقد أخطأ.

وكذلك مَن ظنَّ أنه قصَد توجيهَ ظهرِ يديه إلى السماءِ، فإنه نهى، فقال: «إذا سألتم اللهَ فسلوه ببطونِ أكُفِّكم، ولا تسألوه بظهورِها» أخرجه أبو داودَ؛ قال: وهو من غيرِ وجهٍ واهيةٌ (١). ورويَ أحاديثُ أخرُ في أبي داودَ وغيرِه (٢).

وبالجملةِ؛ فهذا الرفعُ الذي استفاضت به الأحاديثُ، وعليه الأئمةُ والمسلمون مِن زمنِ نبيِّهم إلى هذا التاريخِ.

وحديثُ أنسٍ تقدم أنه لشدةِ الرفعِ انحنَتْ يده؛ فصار كفُّه مما يلي السماءَ لشدةِ الرفعِ؛ لا قصدًا لذلك، كما جاء أنه رفعهما حِذاءَ وجهِه، وتقدم حديثُ أنسٍ، ففيه: أنه رآه يدعو بباطنِ كفَّيه وظاهرِهما.


(١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) من ذلك: حديث مالك بن يسار السكوني عند أبي داود (١٤٨٦)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٤٥٩)، والطبراني في مسند الشاميين (١٦٣٩)، بنحو حديث ابن عباس رضي الله عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>