للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمَن أعرضَ عن الأمرِ والنهيِ والوَعْدِ والوَعيدِ ناظرًا إلى القدَرِ: فقد ضلَّ، ومَن طلَبَ المقامَ بالأمرِ والنهيِ مُعرِضًا عن القدَرِ: فقد ضلَّ؛ بل لا بدَّ من الأمرينِ؛ كما قال: {إياك نعبد وإياك نستعين}، فنعبُدُه اتباعًا للأمرِ، ونستعينُه إيمانًا بالقدَرِ.

فكلُّ عملٍ يعمَلُه العاملُ، ولا يكونُ طاعةً وعبادةً وصالحًا؛ فهو باطلٌ، فإنَّ الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها؛ إلا ما كان للهِ، ولو نال بذلك العملِ رياسةً ومالًا؛ فغايةُ المُترَئِّسِ أن يكونَ كفرعونَ، وغايةُ المُتمَوِّلِ أن يكونَ كقارونَ، وقد ذكَر اللهُ في سورةِ القَصَصِ من قصَّتِهما ما فيه عبرةٌ لأولي الألبابِ.

وكلُّ عملٍ لا يعينُ اللهُ العبدَ عليه؛ فإنه لا يكونُ ولا يقعُ، فما لا يكونُ به لا يكونُ، وما لا يكونُ له لا يدومُ ولا ينفعُ، فلذلك أمَرَ العبدَ أن يقولَ: {إياك نعبد وإياك نستعين} في كلِّ صلاةٍ.

وللعبدِ حالانِ:

حالٌ قبلَ القدرِ؛ فعليه أن يستعينَ باللهِ، ويتوكَّلَ عليه، ويدعوَه.

وحالٌ بعدَ القدَرِ، فعليه أن يحمَدَ اللهَ في الطاعةِ، ويصبِرَ أو يرضى في المصيبةِ، ويستغفِرَ في الذنبِ، وفي الطاعةِ منَ النَّقْصِ، ويشكرَه عليها؛ إذ هي من نعمتِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>