قال:«هاتانِ أهوَنُ»(١)، وقال تعالى:{ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}.
ومَن حكَى عن أهل السنة: أن العبدَ ليس قادرًا على غيرِ ما فعل، الذي هو خلافُ المعلومِ؛ فإنه مخطئٌ فيما نقَلَه عنهم مِن نَفْيِ القدرةِ مطلَقًا، ومُصيبٌ فيما نقَلَه عنهم من نَفْيِ القدرةِ التي اختصَّ بها الفاعلُ دونَ التاركِ.
وهذا من أصولِ تنازُعِهم في جوازِ تكليفِ ما لا يُطاقُ.
فإن مَن يقولُ:(إن الاستطاعةَ لا تكونُ إلا معَ الفعلِ، والتاركَ لا استطاعةَ له بحالٍ)؛ يقولُ:(كلُّ مَن عصى اللهَ فقد كلَّفَه ما لا يُطيقُه)، كما قد يقولونَ:(إن جميعَ العبادِ كُلِّفوا ما لا يُطيقونَ).
ومَن يقولُ:(إن استطاعةَ الفعلِ هي استطاعة التركُ)؛ يقول:(إن العبادَ لم يُكلَّفوا إلا بما هم مسبوقونَ في طاعتِه وقدرتِه واستطاعته، لا يختَصُّ الفاعلُ دونَ التاركِ باستطاعةٍ خاصةٍ).
فإطلاقُ القولِ بأنه كُلِّف ما لا يُطيقُه؛ كإطلاقِه بأنه مجبورٌ على أفعالِه؛ إذ سَلْبُ القدرةِ في المأمورِ نظيرُ إثباتِ الجبرِ في المحظورِ.
وإطلاقُ القولِ بأن العبدَ ليس مجبورًا بحالٍ؛ كإطلاقِه بأن العبدَ قادرٌ على خلافِ معلومِ اللهِ وتقديرِه.
(١) رواه البخاري (٧٣١٣)، من حديث جابر رضي الله عنه.