للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفعلِ وعمَلِه بكلِّ حالٍ؛ فهذه الاستطاعةُ مُنتفِيةٌ في حقِّ مَن كُتِب عليه أنه لا يفعلُ، وقُضِي عليه ذلك.

وإذا عُرِف هذا التقسيمُ؛ عُلِم أن إطلاقَ القولِ بأن العبدَ لا يستطيعُ غيرَ ما فعَلَ، ولا يستطيعُ خلافَ المعلومِ المقدورِ، وإطلاقَ القولِ بأن استطاعةَ الفاعلِ والتاركِ سواءٌ، وأن الفعلَ لا يختصُّ من التاركِ باستطاعةٍ خاصةٍ؛ كلا الإطلاقينِ خطأٌ وبدعةٌ.

ولهذا اتَّفقَ سلَفُ الأمةِ وأئمَّتُها على أن اللهَ قادرٌ على ما علِمَه وأخبَرَ أنه لا يكونُ، وعلى ما يمتنعُ ضرورةً عنه؛ لعدمِ إرادتِه له، لا لعَدَمِ قدرتِه عليه.

وإنما خالفَ في ذلك أهلُ الضلالِ من الجَهْميَّةِ، والقَدَريَّةِ، والمتفلسفةِ الصابئةِ، والذينَ يزعمونَ انحصارَ المقدورِ في الموجودِ، ويخُصُّونَ قدرتَه بما شاءَ وعلِمَه، وقد قال تعالى: {أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه}، وقال: {هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم}.

وقد ثبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لما نزلَتْ هذه الآيةُ: {من فوقكم}: «أعوذُ بوَجْهِكَ»، {أو من تحت أرجلكم}: «أعوذُ بوَجْهِكَ»، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض}،

<<  <  ج: ص:  >  >>