للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان اللهُ قد أمَر المسلمِينَ من الصحابةِ وغيرِهم أن يُجاهِدوا بأموالِهم وأنفُسِهم، وأوجَبَ عليهم عُشْرَ أموالِهم من الخارجِ من الأرضِ؛ فكيفَ لا يجبُ على مَن يُعطَى مالًا ليُجاهدَ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من جهَّز غازيًا فقد غزا، ومَن خلَفَه في أهلِه فقد غزا» (١)، فالذي يُعطِي المجاهدَ يكونُ مجاهدًا بمالِه، والمجاهدُ يجاهدُ بنفْسِه، وأجرُ كلِّ واحدٍ منهما على اللهِ، لا ينقُصُ أحدُهما من أجر الآخَرِ شيئًا، ولم يكُنْ هذا أجيرًا لهذا.

ولو أعطى رجلٌ من المسلمِينَ رجلًا أرضًا يستغِلُّها، ويكونُ يجاهدُ في سبيلِ اللهِ؛ لوجَبَ عليه فيها العُشْرُ، ولم يسقُطْ لأجلِ الجهادِ، فالإقطاع أَوْلى.

ووَلِيُّ الأمرِ لا يعطيهم من مالِه، وإنما يقسِمُ بينَهم حقَّهم، كما يقسِمُ التَّرِكةَ بينَ الوَرَثةِ، ولهذا يجوزُ لهم إيجاره، كما يجوزُ لأهلِ الوَقْفِ، كما قال تعالى: {الذينَ إن مكناهم في الأرضِ أقاموا الصَّلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المُنكَرِ ولله عاقبة الأمور}، فمَن قام بهذه الأربعة؛ نصَرَه اللهُ على عدُوِّه.

فعلى كلِّ مَن أنبَتَ اللهُ له زرعًا: العُشْرُ؛ سواءٌ كان بأرضِ مصرَ أو غيرِها، من مالكٍ، ومُستأجِرٍ، ومُقطَعٍ، ومُستعيرٍ، وكذلك التمرُ والزبيبُ ونحوُه مما تجبُ فيه الزكاةُ، فلا تخلو أرضٌ من عشرٍ أو خَراجٍ باتِّفاقِ المسلمِينَ.


(١) رواه البخاري (٢٨٤٣)، ومسلم (١٨٩٥)، من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>