للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنِ اختَلفوا: هل يجتمعُ العُشْرُ والخراجُ الذي هو خراجُ الإسلامِ؟ فقال أبو حنيفةَ: لا، وقال الباقونَ: نعَمْ.

والخراجيةُ عندَ أبي حنيفةَ: هي التي تكون ملكاً لصاحِبها، وعليه فيها الخراجُ، وله بَيْعُها، وهِبَتُها، وتُورَثُ عنه، فمَن قال: إن أرضَ مصرَ اليومَ لا عُشْرَ عليها عندَ أبي حنيفةَ فقد أخطأَ؛ لأن الجُنْدَ لا يملِكونَها، ولا الفلاحونَ، ولم يُضرَبْ على المُقطَعِ خَراجٌ في خدمتِه، وإذا تُرِكتِ الأرضُ المملوكةُ بلا عُشْرٍ ولا خَراجٍ؛ كان هذا مخالفًا لإجماعِ المسلمِينَ، ومَن أفتى بخُلُوِّ هذه الأرضِ عن العُشْرِ والخَراجِ؛ يُسْتتابُ، فإن تاب وإلا قُتِل.

ومَن زعم أن الجهادَ هو عوضُ الخراجِ فقد أخطأَ لوجهَينِ:

أحدُهما: أنهم لا يملكونها؛ بل تنازَعَ الناسُ في إجارةِ الإقطاعِ؛ حتى ظنَّ طوائفُ من الحنفيةِ وغيرِهم أنه لا يُؤجَّرُ؛ لكون المُقطَعَ لم يملِكِ البقعةَ، والأرضُ الخراجيةُ يُؤجِّرُها مَن عليه الخَراجُ بالإجماعِ.

الثاني: أن ما يُعطاه الجند من الرزقِ ليس خَراجًا عليهم، ولا أجرةً للجهادِ؛ بل هم أعظَمُ المستحِقِّينَ للخَراجِ وغيرِه من أموال الفَيْءِ، والفَيْءُ إما أن يختصُّوا به في أحدِ القولَينِ، وإما أن يكونوا من أحقِّ المستحقين له، فإذا كانوا هُم المستحقِّينَ؛ فكيفَ يكونُ الخَراجُ مأخوذًا منهم؟!

وقولُ القائلِ: الإمامُ أسقَطَ عنهم الخراجَ لكَوْنِهم من المقاتلةِ، فصاروا كأنهم يُؤدُّونَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>