للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقالُ له: هذا لا يُسقِطُ الزكاةَ؛ لأن إقطاعَهم إيَّاها يستَغِلُّونها بلا خَراجٍ، لو كان يجعلها كالخراجيةِ لجاز لهم بَيْعُها، والذي تنتقلُ إليه إما أن يُؤدِّي خَراجَها، أو يسقطُ عنه إن كان من المقاتلةِ، فلما لم يكُنْ لهم ذلك؛ عُلِم أنه لا خَراجَ عليهم.

ولو استأجَرَ المجاهدُ أرضًا؛ كان عليه العُشْرُ عندَ الجمهورِ، وعليه الأجرةُ لربِّ الأرضِ، وهو قولُ صاحِبَيْ أبي حنيفةَ.

وأبو حنيفةَ يقولُ: العُشْرُ على المُؤجِّرِ، فلا يجتمعُ عندَه الأجرةُ والعُشْرُ.

وأبو حنيفةَ أسقَطَ العُشْرَ عمن عليه الخَراجُ، قال: لأن كلاهما حقٌّ وجَبَ بسببِ الأرضِ، والمُقطَعُ لم يعط (١) شيئًا غيرَ ما أعَدَّ نفْسَه له مِن القتالِ، ألا تَرى أنه لو أخَذ بعضُ المسلمِينَ أرضًا خراجيةً كان عليه العشرُ معَ الجهادِ.

يوضِّحُ ذلك: أن الأرضَ لو كانت عشريةً، وصارَتْ لبيتِ المالِ بطريقِ الإرثِ، فأقطَعَها السلطانُ لمن يستَغِلُّها من المقاتلةِ؛ فهل يكونُ ذلك مُسقِطًا للعشرِ؟

ومَن يجعلُ الإقطاعَ استئجارًا؛ يجعَلُ المجاهدينَ بمنزلةِ مَن يستأجِرُه الإمامُ للعمارةِ والفلاحةِ، ويقولُ: إذا كان الخَراجُ على شخصٍ، فاعتاضَ عنه الإمامُ ببعضِ هذه الأعمالِ كانت الأرضُ خراجيةً.


(١) في الأصل: يفرط. والمثبت من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>