للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن تَنازَعوا في إحرامِه: هل كان متمتعًا، أو قارنًا، أو مُفردًا، أو أحرَمَ مطلقًا؟ واضطَربتْ عليهم الأحاديثُ، وهي بحمدِ اللهِ متفقةٌ لمن فهم مرادَهم.

والمنصوصُ عن أحمدَ: أنه كان قارنًا، وهو قولُ إسحاقَ بنِ راهَوَيْهِ وغيرِه، وهو الصوابُ.

وأولُ من ادَّعى أنه كان متمتعًا التمتعَ الخاصَّ: القاضي أبو يَعْلى.

ثم الذينَ قالوا: إنه كان متمتعًا على قولَينِ:

أضعَفُهما: أنه حلَّ من إحرامِه معَ سَوْقِه الهَدْيَ، وحملوا أن المتعةَ كانت لهم خاصةً، أنهم حلُّوا من الإحرامِ معَ سَوْقِ الهَدْيِ، وهذه طريقةُ القاضي، وهي مُنكرَةٌ عندَ جماهيرِ العلماءِ.

والقولُ الثاني: أنه تمتعَ بمعنى: أنه أحرمَ بالعمرةِ، ولم يحِلَّ؛ لسَوْقِه الهَدْيِ، وأحرَمَ بالحجِّ بعدَ أن طافَ وسعى للعمرةِ، وهي طريقةُ الشيخِ أبي محمدٍ وغيره، وقد يُسمُّونَ هذا قارنًا.

وأما الشافعيُّ فقال تارةً: إنه أفرَدَ، وتارةً: إنه تمتعَ، وتارةً: إنه أحرَمَ مطلقًا، وأخذ بقولِ مَن روَى الإفرادَ كعائشةَ (١)؛ لكونِه أحفظَ، وجابرٌ هكذا قال (٢)، وظَنَّ أن الأحاديثَ فيها ما يخالِفُ بعضُه بعضًا.


(١) أخرج مسلم (١٢١١)، عن عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج».
(٢) روى ابن ماجه (٢٩٦٦)، عن جابر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج»، وفي البخاري (١٦٥١) ومسلم (١٢١٦)، قال جابر رضي الله عنه: «أهلَّ النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالحج»، واللفظ للبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>