للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائلٌ: فمِن أينَ أُثبِتَ حديثُ عائشةَ وجابرٍ وابنِ عمرَ (١) دون من قال: «قرَنَ»؟

قيلَ: لتقدُّمِ صُحْبةِ جابرٍ، وحسنِ سِياقه، ولفَضْلِ حفظِ عائشةَ، ولقُرْبِ ابنِ عمرَ منه.

قال شيخ الإسلام: قلتُ: والصوابُ أن الأحاديثَ متفقةٌ إلا شيئًا يسيرًا، يقعُ مثلُه في غيرِ ذلك، فقد كان عثمانُ يَنْهى عن المتعةِ، وكان عليٌّ يأمُرُ بها، فقال عليٌّ: «لقد علمتَ أنَّا تمَتَّعْنا معَ رسولِ اللهِ»، فقال: «أجَلْ، ولكنا كنا خائفينَ» (٢).

فقد اتَّفقَ عثمانُ وعليٌّ على أنهم تمَتَّعوا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وهو في الصحيحُ.

وقولُ عثمانَ: «كنا خائفينَ»؛ فإنهم كانوا خائفينَ في عُمْرةِ القضيةِ، وكانوا قد اعتَمروا في أشهرِ الحجِّ، وكلُّ مَن اعتَمرَ في أشهرِ الحجِّ يُسمَّى متمتِّعًا.

والناهونَ عن المتعةِ كانوا يَنْهونَ عن العمرةِ في أشهرِ الحجِّ مطلقًا، ففي الصحيحِ عن سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ، لما بلَغَه أن معاويةَ نهى عن


(١) أي: في روايتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج، وتقدم ذكر رواية عائشة وجابر رضي الله عنهما، وأما رواية ابن عمر رضي الله عنهما فرواها عنه مسلم (١٢٣١)، قال: «أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردًا».
(٢) رواه مسلم (١٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>