للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما شاؤوا؛ كان ظُلْمًا للمساكينِ؛ بخلافِ ما إذا كان الناسُ كلُّهم متمكِّنينَ من ذلك؛ لكن لم يجُزْ أن يُلْزَموا أن يبيعوا بدونِ ثمنِ المثلِ، كما لا يبيعوا بما شاؤوا.

وهل يجوزُ أن يَلتزِموا بمثلِ ذلك؟

فيقالُ: أمَّا إذا اختاروا أن يقوموا بما يحتاجُ الناسُ إليه من تلك المَبيعاتِ، وألَّا يبيعوا إلا بقيمةِ المثلِ؛ على أن يُمْنَعَ غيرُهم من البيعِ، ومن اختار الدخولَ معهم في ذلك مُكِّنَ: فهذا لا يتبيَّنُ تحريمُه؛ بل قد يكونُ فيه مصلحةٌ عامةٌ للناسِ، فهم لم يُلْزَموا؛ بل دخلوا باختيارِهم، ومُنِع غيرُهم لمصلحةٍ عامَّةٍ للناسِ، فإن دخَل في هذه المصلحةِ؛ مُكِّنَ.

وقد يُقالُ: هذان نوعانِ من الظُّلمِ: إلزامٌ الشخص أن يبيعَ، وأن يكونَ بيعُه بثمنِ المثلِ، وفي هذا فسادٌ، وحينئذٍ فإن كان أمرُ الناسِ صالحًا بدونِ هذا؛ لم يجُزِ احتمالُ هذا الفساد بلا مصلحةٍ راجحةٍ، وأما إن كان بدونِ هذا لا يحصُلُ للناسِ ما يَكْفيهم من الطعامِ ونحوِه، أو لا يُكفَوْن ذلك إلا بأثمانٍ مرتفعةٍ، وبذلك يحصُلُ ما يَكْفيهم بثمنِ المثلِ؛ فهذه المصلحةُ العامَّةُ يُغْتَفرُ في جانبِها ما ذُكِرَ من المنعِ.

وأما إذ أُلْزِمَ الناسُ بذلك ففيه تفصيلٌ: فإن الناسَ إذا اضْطُرُّوا إلى ما عندَ الإنسانِ من السِّلْعةِ والمنفعةِ؛ وجَب عليه أن يَبذُلَ لهم بقيمةِ المثلِ، وَمنْعَه: ألَّا يبيعَ سلعةً حتى يبيعَ مقدارًا معيَّنًا، وتفصيلُ ذلك ليس هذا موضعَه.

إذا تبيَّنَ ذلك؛ فالذي يضمنُ كُلْفةً من الكُلَفِ على ألَّا يبيعَ السِّلْعةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>