للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: وضَعَ الخَراجَ على أرضِ الخَراجِ والأعيانِ (١)، والخَراجُ أجْرةٌ عندَ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ في المشهور.

وهذا القولُ أصحُّ الأقوالِ؛ وبه يزولُ الحَرَجُ عن المسلمِينَ، وله مأخذان:

أحدُهما: أنه لا بدَّ من إجارةِ الأرضِ، ولا يمكنُ إلا معَ الشجرِ، فجاز للحاجةِ؛ كما إذا بَدا بعضُ صلاحٍ في شجرةٍ؛ جاز بيعُ جميعِها اتفاقًا، وقد يدخُلُ من الغَرَرِ في العقودِ (٢) ما لا يدخُلُ أصلًا؛ كأساساتِ الحِيطِ وداخله، وما يدخُلُ من الزِّيادةِ بعدَ بدوِّ الصلاحِ، وكما جاز بيعُ العرايا للحاجةِ، والمُضارَبة والمُساقاة والمُزارعة تبعاً.

المأخذُ الثاني: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيعِ الثمرةِ قبلَ البُدُوِّ في صلاحِها، والحَبِّ قبلَ اشتداد حبِّه» (٣)، ثم إنه يجوزُ عندَ الأئمَّةِ الأربعةِ إجارةُ الأرضِ لمن يعمَلُ عليها حتى ينبُتَ الزَّرعُ، وليس ذلك بيعًا للحَبِّ.

كذلك تقبيلُ الشجرِ لمن يعملُ عليه حتى يُثْمِرَ؛ ليس هو بيعًا للثمرةِ، ألَا تَرى أن المزارعةَ على الأرضِ كالمُساقاةِ على الشجرِ! وأنَّ إعارةَ الأرضِ كإعارةِ الشجرِ! فالثمرةُ - وإن كانت أعيانًا- فإنها تَجْري


(١) رواه عبد الرزاق (١٠١٣٣)، وابن أبي شيبة (٢١٥٣٣).
(٢) أي: تبعًا، كما في أصل الفتوى في مجموع الفتاوى.
(٣) رواه أحمد (١٣٦١٣)، وأبو داود (٣٣٧١)، والترمذي (١٢٢٨)، وابن ماجه (٢٢١٧)، من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>