للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجْرى الفوائدِ والنَّفْعِ؛ لأنها يُسْتَخْلَفُ بَدَلُها، كاللبنِ في استرضاعِ الظِّئْرِ؛ لمَّا كان يُسْتَخْلَفُ بَدَلُه أُجريَ مُجْرى النفعِ، ولهذا في بابِ بيعِ الثمرِ إنما يقومُ بسَقيِها وكمالِها البائعُ.

والقَبالةُ التي فعَلها عمرُ؛ إنما يقومُ فيها بسَقيِ الشجرِ ومُؤْنةِ حصولِ الثمرِ المتصلِ هو المتقبِّلُ؛ فلا يُقاسُ هذا بهذا.

ونهيُه عن بيعِ الثمرِ حتى يبدوَ صلاحُه لم يتناوَلْ هذه القَبالةَ بلا رَيْبٍ، ثم إنْ قُدِّرَ أن الثمرةَ لم تُطْلِعْ أو تَلِفَ بعدَ إطلاعِه بدونِ تفريطِ المتقبِّلِ؛ كان بمنزلةِ تعطُّلِ المنفعةِ في الإجارةِ؛ وهو لا يستحِقُّ أجرةً إلَّا إذا تمكَّنَ المستأجرُ من الانتفاعِ.

وأما إذا كان المشترَى مجرَّدَ الثمرةِ فقط، ومُؤْنةُ السَّقْي على البائعِ، وقد أطْلَعَ الثمرُ ولم يَبْدُ صلاحُ جميعِه؛ بل نوعٌ دونَ نوعٍ؛ ففيه قولانِ: أحدُهما: يجوزُ بيعُ جميعِ البُستانِ؛ لأن في التفريقِ ضَرَرًا؛ وهو أقوى مِن الثانِي مِن أنَّه لا يجوزُ؛ وهو المشهورُ، وإذا استُثْنيَتِ العريَّةُ من المُزابنةِ للحاجةِ، فَلَأَنْ يجوزَ بيعُ النوعِ تَبَعًا لنوعٍ آخَرَ، معَ أن الحاجةَ إلى ذلك أشدُّ وأَوْلى.

ونهيُه عن بيعِ الثمرةِ حتى يبدُوَ صلاحُها، قد خُصَّ منه بيعُها تَبَعًا للشجرةِ؛ فعُلِم أنه إنما نهى عن مفردِ بيعِ الثمرةِ، كنهيِه عن الذَّهَبِ والحريرِ مفردًا، والحملُ لا يجوزُ إفرادُه، ويجوزُ تَبَعًا.

وسرُّ الشريعةِ: أن الفعلَ إذا اشتمل على مفسدةٍ مُنِعَ منه؛ إلا إذا عارَضَها مصلحةٌ راجحةٌ؛ كما في إباحةِ الميتةِ للمضطرِّ، وبيعُ الغَرَرِ نهى

<<  <  ج: ص:  >  >>