للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدِ العقدينِ في الآخَرِ لا يجوزُ.

الثاني: أن الفسادَ الذي [من أجله] (١) نُهي عن بيعِ الثمرةِ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها؛ من كونِه غَررًا وهو من جنسِ القِمارِ؛ موجودٌ في هذه المعاملةِ أكثرَ من وجودِه عندَ مجرَّدِ بيعِ الثمرةِ.

الثالثُ: أن استئجارَ الأرضِ التي تساوي مائةً بألفٍ، والمساقاةَ على الثمرةِ بجزءٍ من ألفِ جزءٍ؛ فعلُ السفهاءِ الذينَ يستحِقُّونَ الحَجْرَ عليهم، فضلًا عن إمضاءِ فعلِهم والحكمِ بصحتِه.

وأيضًا: له أن يطالِبَه بجميعِ الأجرةِ؛ حصَلَتِ الثمرةُ أو لم تحصُل، فليس هذا من أفعالِ الرشيدينَ؛ لا سيَّما إن كان المتصرفُ ممن لا يملِكُ التبرعَ، وليس الفقيهُ من عمَدَ إلى ما نهى عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم دفعًا لفسادٍ يحصُلُ لهم، فعدَل عنه إلى ما فسادُه أشدُّ منه، فإنه بمنزلةِ المستجيرِ من الرَّمْضاءِ بالنارِ، وهذا يتسلمُ من قاعدةِ إبطالِ الحيلِ، فإن كثيرًا منها يتضمَّنُ من الفسادِ والضررِ أكثرَ مما في إتيان المنهيِّ عنه ظاهرًا، كما قال أيوبُ السَّخْتِيانيُّ: «يُخادِعونَ اللهَ كأنما يُخادِعونَ الصبيانَ، لو أتَوُا الأمرَ على وجهِه كان أهونَ عليَّ» (٢).

ولهذا يوجدُ في نكاحِ التحليلِ من الفسادِ أعظمُ مما يوجدُ في نكاحِ المتعةِ؛ إذ المتمتِّعُ قاصدٌ للنكاحِ إلى وقتٍ، والمُحلِّلُ غيرُ قاصدٍ، فكلُّ


(١) ما بين المعقوفين زيادة تصحيح من مجموع الفتاوى ٣٠/ ٢٢١.
(٢) علقه البخاري في صحيحه، كتاب الحيل، باب ما ينهى من الخداع ٩/ ٢٤، لكن مكان: (الصبيان) قال: (آدميًّا).

<<  <  ج: ص:  >  >>