للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسادٍ نُهي عنه المتمتع فهو في التحليلِ وزيادةٌ، ولهذا تُنكِرُ قلوبُ الناسِ التحليلَ أعظمَ من المتعة، والمتعةُ أُبيحَتْ أولَ الاسلامِ، وتنازَعَ السَّلَفُ في بقاءِ الحلِّ، والتحليلُ لم يُبَحْ قطُّ، ومَن شنَّعَ على الشيعةِ بإباحةِ المتعةِ معَ إباحتِه للتحليلِ؛ فقد سلَّطَهم على القدحِ في السُّنَّةِ، كما يُسلِّطُ النصارى على القدحِ في الإسلامِ بمثلِ إباحةِ التحليلِ؛ حتى قالوا: إن هؤلاءِ قال لهم نبِيُّهم: إذا طلَّقَ أحدُكم امرأتَه لم تَحِلَّ له حتى تزنيَ، وذلك أن نكاحَ التحليلِ سِفاحٌ، كما سَمَّاه الصحابةُ (١).

والقولُ الثاني: أنه إن كان منفعةُ الأرضِ هو المقصودَ والشجرُ تبعٌ؛ جاز أن تُؤْجَرَ الأرضُ، ويدخُلُ في ذلك الشجرُ تَبَعًا، وهذا قولُ مالكٍ، ويُقدَّرُ التابعُ بقدرِ الثلثِ، ويجوزُ من بيعِ الثمر قبلَ بُدُوِّ صلاحِها ما يدخُلُ ضمنًا وتبعًا، كما جاز أن يشترطَ المُبْتاعُ الثمرةَ بعدَ أن تُؤبَّرَ، فالمُبْتاعُ قد اشترى الثمرةَ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها؛ لكن تَبَعًا، كذلك هذا.

والقولُ الثالثُ: أنه يجوزُ ضمانُ الأرضِ والشجرِ جميعًا، وإن كان الشجرُ أكثرَ، وهو قولُ ابنِ عقيلٍ، ومأثورٌ عن عمرَ بنِ الخطابِ في بيعِه حديقةَ أُسَيْدِ لما قَبَّلها (٢) ثلاثَ سنينَ، ووفَّى دينَ أُسَيْدِ بنِ حُضَيرٍ (٣)،


(١) ومن ذلك ما رواه عبد الرزاق (١٠٧٧٦)، وابن أبي شيبة (١٧٠٨٥) أن ابن عمر رضي الله عنهما سئل عن تحليل المرأة لزوجها، فقال: «ذلك السفاح»، ورواه البيهقي (١٤١٨٩) بلفظ: «كنا نعد هذا سفاحًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم».
(٢) قال ابن كثير في مسند الفاروق (ص ٣٥٨): (ومعنى: "قبلهم" أي: ضمنهم)، وفي القاموس (ص ١٠٤٥): (والقبيل: الكفيل والعريف والضامن).
(٣) تقدم تخريجه ص .... ظظ

<<  <  ج: ص:  >  >>