للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكان أقلُّ الأحوالِ فيها أن يجوزَ كونُ العِوَضِ فيها مقدَّرًا معلومًا لا شائعًا، فلما كان المشروطُ لأحدِهما من جنسِ المشروطِ للآخَرِ؛ عُلِم أنه من بابِ المشاركةِ، كما في العِنانِ، ولو شَرَط لأحدِهما مقدَّرًا من الربحِ أو غيرِه لم يجُزْ؛ لأنه المخابرةُ، فأينَ من يجعلُ ما جاءتْ به السُّنَّةُ موافقًا للأصولِ ممن يجعلُه مخالفًا للأصولِ؟

وإذا كان كذلك؛ فمعلومٌ أنه إذا ساقاه على الشجرِ بجزءٍ من الثمرةِ؛ كما إذا زارَعَه على الأرضِ بجزءٍ من الزرعِ، وضاربه على النقدِ بجزءٍ من الرِّبْحِ؛ فقد جُعِلتِ الثمرةُ من بابِ النَّماءِ، والفائدةُ الحاصلةُ ببدنِ هذا ومالِ هذا، والذي نُهِي عنه من بيعِ الثمرةِ ليس للمشتري عمَلٌ في حصولِه أصلًا؛ بل العملُ كلُّه على البائعِ، فإذا استأجَرَ الأرضَ والشجرَ حتى يحصُلَ له ثمرٌ؛ جاز، كما إذا استأجَرَ الأرضَ حتى يحصُلَ له الزرعُ.

الوجهُ الثالثُ: أن الثمرةَ تجري مَجْرى المنافعِ والفوائدِ في الوقفِ والعاريَّةِ ونحوِهما، فيجوزُ وقفُ الشجرِ لينتفعَ أهلُ الوقفِ بالثمرِ، كما يقفُ الأرضَ، ويجوزُ إعارةُ الشجرِ، كما يجوزُ إفقارُ الظهرِ، وعاريةُ الدارِ، ومنيحةُ اللبنِ.

فإن قيلَ: هذا يقتضي أن الأعيانَ معقودٌ عليها في الإجارةِ.

قيلَ الجواب: أن تقبيلَ الأرضِ والشجرِ ليس هو عقداً على عينٍ، وإنما هو بمنزلةِ إجارةِ الأرضِ ليحصُلَ له الزرعُ؛ لكن العقدَ ورَد على المنافعِ التي هي تشبه هذه الأعيانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>