للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقالُ ثانيًا: لا نسلِّمُ أن إجارةَ الظِّئْرِ على خلافِ القياسِ، وكيفَ يُقالُ ذلك وليس في القرآنِ إجارةٌ منصوصةٌ في شَريعتِنا إلا إجارةَ الظِّئْرِ، فمن ظنَّ أن الإجارةَ لا تكونُ إلا على المنفعةِ قال ذلك، وليس الأمرُ كذلك؛ بل الإجارةُ تكونُ على كل ما يُستوفَى معَ بقاءِ أصلِه؛ سواءٌ كان عينًا أو منفعةً؛ كالظِّئْرِ ونقعِ البئرِ، فهي يُحدِثُها اللهُ وأصلُها باقٍ، فهي كالمنفعةِ، ولهذا جاز وقفُ هذه الأصولِ لاستثمارِ (١) هذه الفوائدِ؛ أعيانِها ومنافِعِها.

فإن قيلَ: فهذا يقتضي جوازَ إجارةِ الحيوانِ؟

قيلَ: وفي هذه المسألةِ نزاعٌ بينَ العلماءِ أيضًا، والمعارضةُ لا تكونُ بمسألةِ نزاعٍ؛ بل بدليلٍ شرعيٍّ، فإن كلَّ ما ذكَرْنا من دليلٍ يوجبُ صحةَ هذه الإجارةِ؛ لزمَ طَرْدُه.

وإذا لم يتمكَّنِ المستأجِرُ من ازْدِراعِ الأرضِ لآفةٍ حصَلَتْ؛ لم تكُنْ عليه أجرةٌ، وإن نبَت الزرعُ ثم حصَلَتْ آفةٌ سماويةٌ أتلَفَتْه قبلَ التمكُّنِ من حَصادِه؛ ففيه نزاعٌ، نظرًا إلى أن الثمرةَ والمنفعةَ هي المعقودُ عليها، وهنا الزرعُ ليس بمعقودٍ عليه؛ بل المعقودُ عليه المنفعةُ، ومن سوَّى قال: المقصودُ بالإجارةِ هو الزرعُ، فإذا حالَتِ الآفةُ بينَ المقصودِ بالإجارةِ؛ كان قد تلِفَ المقصودُ بالعقدِ قبلَ التمكنِ من قبضِه، والمؤجِرُ وإن لم يعاوِضْ على زرعٍ؛ فقد عاوضَ على المنفعةِ التي يتمكنُ بها من


(١) في (ك) و (ع): لاستمرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>