للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا أحسَنُ الأقوالِ التي تنازَعَها الفقهاءُ في مسألةِ التجارةِ بالوديعةِ وغيرِها من مالِ الغيرِ، فإن فيها أربعةَ أقوالٍ لأحمدَ وغيرِه؛ هل الربحُ لبيتِ المالِ (١)، أو للعاملِ، أو يتصدقانِ به، أو يُقسَمُ بينَهما كالمضاربةِ؟

ومسألةُ الإقطاعِ كذلك، فإنه زرَعَ الأرضَ يظنُّها لنفْسِه، فتبيَّنَ أنها أو بعضَها لغيرِه، فجُعل الزرعُ بينَهما مزارعةً، والمزارعةُ المطلقةُ تكونُ مشاطرةً، فجُعل للأولِ نصفُ الزرعِ، كالعاملِ في المزارعةِ، ويُجعل النصفُ الثاني للمنفعةِ المقطعةِ، والأولُ قد استحقَّ ربعَها، فيُجعَلُ له النصفُ ورُبُعُ النصفِ بناءً على ما ذكَرْنا، وللثاني ثلاثةُ أرباعِ النصفِ، وهذا أعدلُ الأقوالِ في مثلِ هذه المسألةِ.

وتضَمَّنَ ذلك: أن المزارعةَ يكونُ الزرعُ فيها من العاملِ؛ وهو الصوابُ، كما عامَلَ أهلَ خَيْبرَ.

وأما القوةُ التي تُجعَلُ في الأرضِ؛ فإنها ليست قرضًا محضًا كما يظنُّه بعضُهم، فإن القرضَ المُطلَقَ يَتصرَّفُ فيه بما أرادَ، وهذه القوةُ مشروطةٌ على من يقبِضُها أن يبذُرَها في الأرضِ، ليس له التصرفُ فيها بغيرِ ذلك، فقد جُعِلتْ قوةٌ في الأرضِ ينتفعُ بها كلُّ من يستعملُ الأرضَ من مقطَعٍ وعاملٍ؛ إذ مصلحةُ الأرضِ لا تقومُ إلا بذلك، ولهذا يُقالُ: مَن دخَل على قوةٍ خرَجَ على نظيرِها.


(١) في (ك): لرب المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>