للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنافعٍ: هل تسمَعُ؟ قال: لا، فأخرجَ أصابِعَه، وروى عن النبيِّ ذلك (١)؛ فهو يُبيِّنُ أن عدمَ السماعِ أَوْلَى، ولكن لا يدلُّ على أن الشَّبَّابةَ جائزةٌ، فإن ابنَ عمرَ كان مارًّا فسمع، لا مستمعٌ، والسامعُ لا يحرُمُ عليه، كما لا يُؤجَرُ السامعُ لقراءةِ القرآنِ، إنما يُؤجَرُ المستمعُ، وسَدَّ أُذُنَيْه مبالغةً في التحفُّظِ، ولو كان مباحًا لما سَدَّ أُذُنَيْه؛ بل سَدَّهما ليدلَّ على أن لا يسمعَ ما لا يجوزُ استماعه (٢).

وأيضًا؛ فالرفيقُ لم يُعلَمْ أنه كان بالغًا، فلعله كان صغيرًا، والصبيانُ يُرخَّصُ لهم من اللعبِ ما لا يُرخَّصُ فيه للبالغِ.

وأيضًا؛ لو قُدِّرَ أن الاستماعَ لا يجوزُ؛ فلو سَدَّ هو ورفيقُه آذانَهما لم يَعرفا متى ينقطعُ الصوتُ؟!

وأيضًا؛ زَمَّارةُ الراعي ليست مُطربةً كالشَّبَّابةِ التي تُصنَعُ من اليراعِ (٣)، فلو قُدِّرَ الإذنُ فيها؛ لم يجُزِ الإذنُ في اليراعِ الموصولِ، وما يتبَعُه من الأصواتِ التي تفعلُ في النفوسِ فعلَ حُمَيَّا الكؤوسِ.

وأيضًا؛ فقد ذكَر ابنُ المنذرِ اتفاقَ العلماءِ على المنعِ مِن الغناءِ والنوحِ، فقال: (أجمَعَ كلُّ مَن نحفَظُ عنه من أهلِ العلمِ على إبطالِ إجارةِ النائحةِ والمغنِّيةِ) (٤)، فإذا كانت المغنيةُ لا يجوزُ استئجارُها معَ


(١) رواه أبو داود (٤٩٢٤).
(٢) في الأصل: استماعا. والمثبت من (ك).
(٣) اليراع: القصب. ينظر: الصحاح ٣/ ١٣١٠.
(٤) الإشراف لابن المنذر ٦/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>