للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معيَّنٍ، وكان كافرًا أو فاسقًا؛ لم يكُنِ الكفرُ والفسقُ هو سببَ الاستحقاقِ، ولا شرطاً فيه؛ بل هو يستحِقُّ ما أعطاه، وإن كان مسلمًا عدلًا، فكانت المعصيةُ عديمةَ التأثيرِ، بخلافِ ما لو جعَلَها شرطًا في ذلك على جهةِ الكفارِ، أو الفسَّاقِ، أو على الطائفةِ الفلانيةِ بشرطِ أن يكونوا كفارًا أو فساقًا، فهذا الذي لا رَيْبَ في بطلانِه عند العلماء.

ولكن تنازعوا في الوقف على جهة مباحة؛ كالوقف على الأغنياء على قولين، والصحيح البطلان.

وهنا أصلانِ:

أحدُهما: أن بَذْلَ المالِ لا يجوزُ إلا لمنفعةٍ في الدينِ أو الدنيا، وهذا مُتَّفَقٌ عليه بينَ العلماءِ، ومَن خرَج عن ذلك كان سفيهًا مبذِّرًا لمالِه، وقد نهى تعالى عن التبذيرِ، ونهى عن إضاعةِ المالِ في الحديثِ (١)، ومن المعلومِ أن الواقفَ لا ينتفعُ بوقفِه في الدنيا، ولا ينتفعُ به في الدينِ إن لم ينفِقْه في سبيلِ اللهِ، وسبيلُ اللهِ طاعتُه وطاعةُ رسولِه، فإنه تعالى إنما يُثيبُ العبدَ على ما أنفَقَه فيما يُحِبُّه، فالمباحاتُ لا يثيبُ عليها، ولا يكونُ في الوقفِ عليها منفعةٌ وثوابٌ في الدينِ، ولا منفعةٌ في الوقفِ عليها في الدنيا، فالوقفُ عليها خالٍ من المنفعةِ في الدينِ أو الدنيا؛ فيكونُ باطلًا؛ كمن خصَّص الغنيَّ لكونِه غنيًّا، معَ


(١) وهو ما رواه البخاري (١٤٧)، ومسلم (٥٩٣)، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعًا وهات، ووأد البنات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».

<<  <  ج: ص:  >  >>