للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى القولَينِ: يُعطَى مَن فيه منفعةٌ عامةٌ لأهلِ الفَيْءِ؛ كولاةِ أمورِهم، ومَن يُقرِئُهم القرآنَ ويُفْتيهم ويُحدِّثُهم ويَؤُمُّهم ويُؤذِّنُ لهم، وسَدِّ ثُغورهم، وعِمارةِ طُرُقاتِهم وحصونِهم، وإلى ذوي الحاجاتِ، يبدأُ بالأهمِّ من ذوي المنافعِ؛ نصَّ عليه عامةُ الفقهاءِ من أصحابِ أحمدَ والشافعيِّ وأبي حنيفةَ وغيرِهم.

لكنَّ مذهَبَ الشافعيِّ وبعضِ أصحابِ أحمدَ: أنه لا حقَّ فيه للأغنياءِ الذينَ لا منفعةَ للمسلمِينَ بهم، ومذهبُ الجمهورِ - كمالكٍ وأحمدَ وغيرِهما - أن للأغنياءِ فيه حقًّا؛ إذا فضَلَ واتسَعَ عن حاجاتِ المسلمِينَ، كما قال عمرُ: «ما من مسلمٍ إلا وله في هذا المالِ حقٌّ» (١)، وكان لجميع المسلمِينَ فرضٌ في ديوان عمرَ؛ غَنِيِّهم وفقيرِهم (٢)، وعلى هذا فلا يُعطَى الغنيُّ شيئًا إلا بعدَ الفقيرِ إذا فضَلَ عنه؛ هذا مذهَبُ الجمهورِ؛ كأحمدَ في الصحيحِ عنه ومالكٍ، والشافعيُّ - كما تقدَّمَ - يخصِّصُ الفقراءَ بالفاضلِ.

وأما المالُ الثالثُ: فهو الصدقاتُ التي هي زكاةُ الأموالِ، وهذا مصرِفُه ما ذكَره اللهُ تعالى في قولِه: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها … }، الثمانيةِ الأصناف، وقد اتفقَ المسلمونَ على أنه لا يجاوزُ بها الثمانيةَ الأصنافَ التي سَمَّى اللهُ تعالى.


(١) رواه عبد الرزاق (٧٢٨٧)، وابن أبي شيبة (٣٢٩٧٨).
(٢) الأموال لأبي عبيد، (باب فرض الأعطية من الفيء، ومن يبدأ به فيها؟)، (ص ٢٨٥) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>