إذا تبيَّنَ هذا الأصلُ؛ فنذكُرُ أصلًا آخَرَ ونقولُ:
أموالُ بيتِ المالِ في هذه الأزمنةِ هي أصنافٌ؛ منها ما هو الفَيْءُ (١)، أو الصدقاتُ، أو الخُمُسُ، فقد عُرِف حكمُ هذا.
ومنها ما صار إلى بيتِ المالِ بحقٍّ غيرِ هذا؛ مثلُ مَن مات مِن المسلمِينَ ولا وارِثَ له.
ومِن ذلك ما فيه نزاعٌ، ومنه ما هو مُتَّفَقٌ عليه.
وصنفٌ قُبِضَ بغيرِ حقٍّ، أو بتأويلٍ يجبُ ردُّه إلى مستحِقِّه إذا أمكنَ، وقد تعذَّرَ ذلك؛ مثلُ: ما يُؤخَذُ من مصادراتِ العمالِ وغيرِهم الذينَ أخذوا الهديةَ وأموالَ المسلمِينَ ما لا يستحِقُّونَه؛ فاستَرْجَعَه وليُّ الأمرِ منهم، أو من تَرِكاتِهم ولم يُعرَفْ مستحِقُّه، ومَا قُبِضَ من الوظائفِ المحدثةِ؛ فهذه الأموالُ التي تعذَّرَ ردُّها لعدمِ العلمِ -مثلًا- هي: مما يُصرَفُ في مصالحِ المسلمِينَ عندَ أكثرِ العلماءِ؛ كالغاصِبِ، والخائنِ التائبِ، والمرابي، ونحوِهم ممن صار بيدِه مالٌ لا يملِكُه، ولا يُعرفُ صاحبُه، فإنه يُصرَفُ إلى ذوي الحاجاتِ.
إذا تبيَّنَ هذانِ الأصلانِ فنقولُ: مَن كان من ذوي الحاجاتِ؛ كالفقير والمسكين وابنِ السبيلِ: فيجوزُ؛ بل يجبُ أن يُعطَوا من الزكواتِ ومن الأموالِ المجهولةِ باتِّفاقِ المسلمِينَ، ومن الفَيْءِ مما فضَلَ عن المصالحِ العامةِ التي لا بدَّ منها عندَ أكثرِ العلماءِ؛ سواءٌ كانوا