للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُدِّرَ أنه لم يحصُلْ لهم من الزكاةِ ما يَكْفيهم، وأموالُ بيتِ المالِ مُستغرَقةٌ بالمصالِحِ؛ كان إعطاءُ العاجِزِ عن الكسبِ فرضًا على الكفايةِ، فعلى المسلمِينَ جميعًا أن يُطعِموا الجائعَ، ويَكْسوا العاريَ، ولا يَدَعوا بينَهم محتاجًا، وعلى الإمامِ أن يصرفَ ذلك من المالِ المشتركِ الفاضلِ عن المصالحِ العامةِ التي لا بدَّ منها.

وأما مَن يأخُذُ لمصلحةٍ عامةٍ؛ فإنه يأخُذُ معَ حاجتِه بلا نزاعٍ، ومعَ غِناه على قولَينِ؛ كالقاضي، والشاهدِ، والمفتي، والحاسبِ، والمقرئِ، والمُحدِّثِ.

وفي أرض العَنْوةِ ثلاثةُ أقوالٍ:

أحدُها: أنها تُقسَمُ؛ كما هو مذهَبُ الشافعيِّ، وإن طابتْ نفوسُهم بالوقفِ؛ جاز، فلو حكَم حاكمٌ بوَقْفِها من غيرِ طيبِ أنفسِهم؛ نُقِضَ حُكمُه (١)؛ نصَّ عليه الشافعيُّ في «الأمِّ».

وجمهورُ الأئمَّةِ خالفوه في ذلك، ورأوا أن ما فعَلَه عمرُ مِن جعلِها فَيْئًا (٢)؛ جائزٌ حسَنٌ، وحبَسَها عمرُ بدونِ استطابةِ أنفُسِهم، ولا نزاعَ أن كلَّ أرضٍ فتَحَها عمرُ لم يَقْسِمْها، وكان مذهَبُ عمرَ في الفَيْءِ: أنه لجميعِ المسلمِينَ؛ لكن يُفضَّلُ بينَهم بالفضائلِ الدينيةِ، وأما أبو بكرٍ فسوَّى بينَهم في العطاءِ، إذا استَوَوْا في الحاجةِ (٣).


(١) قوله: (حكمه) سقط من الأصل، والمثبت من (ك) و (ع) و (ز).
(٢) تقدم تخريجه ص … ظظ
(٣) رواه أبو عبيد في الأموال (٦٤٩)، وعنه ابن زنجويه في الأموال (٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>