للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاجتهادياتِ يدخُلُها التأويلُ والتُّهَمُ، فالجُعْلُ يسهِّلُ الشهادةَ فيها بغيرِ تَحَرٍّ، بخلافِ الحِسِّيَّاتِ، فإن الزيادة فيها كذِبٌ صريحٌ، لا يُقدِمُ عليه إلا مَن يُقدِمُ على صريحِ الزورِ.

ومَن نقَل عن حاكمٍ أنه قال: إنه لا يستحقُّ من هؤلاءِ إلا المكسَّحُ (١) والأعمى والزَّمِنُ؛ فهذا لم يقُلْه أحدٌ، ومَن قال ذلك قُدِحَ في عَدالتِه، واستُبدِلَ مكانَه، وإن كان الناقلُ عنه مفترياً عليه؛ عُوقِبَ عقوبةً تردَعُه وأمثالَه من المفترينَ على الناسِ، وعقوبةُ مَن افترى على الناسِ وتكلَّم فيهم بما يخالفُ دينَ المسلمِينَ؛ لا يحتاجُ إلى دَعْواهم؛ بل العقوبةُ في ذلك جائزةٌ بدونِ دَعْوى أحدٍ؛ كعقوبةِ مَن يتكلَّمُ في الدينِ بلا علمٍ، فيُحدِّثُ بلا علمٍ، ويُفْتي بلا علمٍ، وأمثالُ هؤلاءِ (٢) يُعاقَبونَ.

فمَن قال: لا يستحقُّ من الأموالِ إلا الأعمى والمكسَّحُ والزَّمِنُ؛ فقد أخطَأَ باتِّفاقِ.

ومَن قال: إن أموالَ بيتِ المالِ على اختلافِ أصنافِها مستحَقةٌ لأصنافٍ؛ منهم الفقراءُ، وأنه يجبُ على الإمامِ إطلاقُ كِفايتِهم من بيتِ المالِ؛ فقد أخطَأَ؛ بل يستحقونَ من الزكاةِ بلا رَيْبٍ، وأما من الفَيْءِ ومن المصالحِ؛ فلا يستحقونَ إلا ما فضَلَ عن المصالحِ العامةِ، ولو


(١) قال في الصحاح ١/ ٣٩٩: (الأكسح: الأعرج، والمقعد أيضًا).
(٢) زيد في (ك) و (ع) و (ز): (ممن يتصدى للأشعار [في (ع) و (ز): للاشتغال] والفتوى ويكون ذلك بلا علم؛ فكل هؤلاء … )، ولا توجد في الأصل، ولا في أصل الفتوى في مجموع الفتاوى والفتاوى الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>