للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القذارةِ الملْحِقِ لها بالبُصاقِ والمُخاطِ والمني، ونحوِ ذلك من المستقذَراتِ.

ولهذا أيضًا حرُمَ هذا الضربُ في بابِ الآنيةِ والمنقولاتِ على الرجالِ والنساءِ، بخلافِ التحَلِّي بالذهبِ ولُبْسِ الحريرِ؛ مباحٌ للنساءِ، وبابُ الخبائثِ بالعكسِ، فرخِّصَ في استعمالِ ذلك فيما ينفصِلُ عن بدنِ الإنسانِ ما لا يباحُ متصلًا به، كما يباحُ إطفاءُ الحريقِ بالخمرِ، وإطعامُ الميتةِ للبُزاةِ والصقورِ، وإلباسُ الدابةِ الثوبَ النجِسَ، والاستصباحُ بالدُّهنِ النجِسِ؛ في أشهَرِ قولَيِ العلماءِ؛ وذلك لأن استعمالَ الخبائثِ فيها يجري مَجْرى الإتلافِ، وليس فيه ضررٌ، وكذلك في الأمورِ المنفصلةِ؛ بخلافِ استعمالِ الحريرِ والذهبِ؛ فإنه غاية السَّرَفُ والفخرُ.

وبهذا يظهرُ غلَطُ مَن رخَّصَ من أصحابِ أحمدَ وغيرِهم في إلباسِ دابَّتِه الحريرَ قياسًا على النجِسِ، فهو بمنزلةِ مَن يُجوِّزُ افتراشَ الحريرِ ووَطْأَه؛ قياسًا على المُصوَّراتِ، أو مَن يبيحُ تحليةَ دابَّتِه بالذهبِ والفضةِ قياسًا على إلباسِها الثوبَ النجِسَ، فقد ثبت بالنصِّ تحريمُ افتراشِ الحريرِ (١).

ويظهرُ أن قولَ مَن حرَّمَ افتراشَه على النساءِ - كما هو قولُ المراوزةِ


(١) كما في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» رواه البخاري (٥٨٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>