للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو حلَف بالثلاثِ فقال: الطلاقُ يلزَمُني ثلاثًا لأفعَلَنَّ كذا؛ فكان طائفةٌ من السَّلَفِ والخَلَفِ من أصحابِ مالكٍ وأحمدَ وداودَ وغيرِهم يُفتُونَ: بأنه لا يقعُ الثلاثُ؛ لكنْ منهم من يُوقِعُ به واحدةً، وهذا منقولٌ عن طائفةٍ من الصحابةِ والتابعِينَ في التنجيزِ، فضلًا عن التعليقِ واليمينِ، وهذا قولُ مَن اتَّبعَهم من أصحابِ مالكٍ وأحمدَ وداودَ في التنجيزِ والتعليقِ والحَلِفِ.

ومِن السَّلَفِ طائفةٌ تُفرِّقُ بينَ المدخولِ بها وغيرِها.

والذينَ لم يُوقِعوا طلاقًا بمن قال: (الطلاقُ يلزَمُني ثلاثًا لأفعَلَنَّ كذا)، منهم: مَن لا يُوقِعُ به طلاقًا، ولا يأمُرُه بكفارةٍ. ومنهم: من يأمُرُه بالكفارةِ، وبكلٍّ مِن القولَينِ أفتى كثيرٌ من العُلَماءِ. وقد بسَطتُ أقوالَ العلماءِ وألفاظَهم، ومَن نقَل ذلك، والكتبَ الموجودَ ذلك فيها، والأدلةَ في مواضِعَ تبلغُ عدةَ مجلداتٍ (١).

وهذا الخلافُ الذي ذكَرْتُه في مذهَبِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ هو فيما إذا حلَف بصيغةِ اللزومِ؛ مثلُ: الطلاقُ يلزَمُني، والنِّزاعُ في المذهبينِ؛ سواءٌ كان مُنجَّزًا، أو معلَّقًا بشرطٍ، أو محلوفًا به، فهل ذلك صريحٌ، أو كنايةٌ، أو لا صريحٌ ولا كنايةٌ، فلا يقعُ به طلاقٌ وإن نواه؟ ثلاثةُ أقوالٍ، وفي مذهَبِ أحمدَ قولانِ، هل ذلك صريحٌ، أو كنايةٌ؟


(١) ذكر ابن رجب في ذيل الطبقات ٤/ ٥٢٣، في معرض ذكره لمؤلفات شيخ الإسلام: (الرد الكبير على من اعترض عليه في مسألة الحلف بالطلاق، ثلاث مجلدات).

<<  <  ج: ص:  >  >>