للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الحلِفُ بالطلاقِ أو التطليقُ الذي يُقصَدُ به الحلِفُ؛ فالنِّزاعُ فيه عن غيرِهم بغيرِ هذه الصيغةِ، فمن قال: (إن مَن أفتى بأن الطلاقَ لا يقعُ في مثلِ هذه الصورةِ خالَفَ الإجماعَ، وخالفَ كلَّ قولٍ في المذاهبِ الأربعةِ): فقد أخطَأَ، وقَفَا ما لا علمَ له به؛ بل أجمَعَ الأربعةُ وأتباعُهم وسائرُ الأئمَّةِ: على أن مَن قضى بأنه لا يقعُ الطلاقُ في مثلِ هذه الصورِ؛ لم يَجُزْ نقضُ حكمِه، ومَن أفتى به ممن هو من أهلِ الفتوى؛ ساغ له ذلك، ولم يجُزِ الإنكارُ عليه باتِّفاقِ الأربعةِ وغيرِهم من المسلمِينَ، ولا على مَن قلَّدَه، ولو قضى أو أفتى بقولٍ سائغٍ يخرُجُ عن أقوالِ الأئمَّةِ الأربعةِ في مسائلِ الأيمانِ والطلاقِ وغيرِهما مما ثبَتَ فيه النِّزاعُ بينَ علماءِ المسلمِينَ، ولم يخالِفْ كتابًا ولا سنةً ولا معنى ذلك؛ بل كان القاضي به والمفتي به يستدلُّ عليه بالأدلةِ الشرعيةِ: فإنه يُشرَعُ له أن يحكُمَ به ويُفتِيَ به، ولا يُنقَضُ حكمُه اتفاقًا، ولا مَنْعُه من الحكمِ ولا من الفتيا، ولا منعُ أحدٍ من تقليدِه.

ومَن قال: إنه يسوغُ المنعُ من ذلك؛ فقد خالفَ إجماعَ الأئمَّةِ الأربعةِ؛ بل إجماعَ المسلمِينَ، معَ مخالفتِه للهِ ورسولِه.

فمَن قال: يجبُ اتباعُ قولِنا دونَ غيرِنا، من غيرِ أن يُقيمَ دليلًا شرعيًّا على صحةِ قولِه؛ فقد خالفَ إجماعَ المسلمِينَ، وتجبُ استتابته وعقوبتُه، كما يُعاقَبُ أمثالُه.

وكلُّ يمينٍ من أيمانِ المسلمِينَ - غيرِ اليمينِ باللهِ تعالى-؛ مثلُ: الحلِفِ بالطلاقِ، والعِتاقِ، والظهارِ، والحرامِ، والحجِّ، والمشيِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>