للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمُّ المرتضِعِ من الرضاعِ؛ لا تكونُ أمًّا لإخوتِه من النسبِ؛ لأنها إنما أرضعَتِ الرضيعَ، ولم تُرضِعْ غيرَه.

نعم، لو كان للرجلِ نسوةٌ يطَؤُهُنَّ، وأرضعَتْ كلُّ واحدةٍ؛ هذه طفلًا، وهذه طفلًا؛ لم يجُزْ أن يتزوجَ أحدُهما الآخَرَ، ولهذا لما سُئِلَ ابنُ عبَّاسٍ عن ذلك؟ فقال: «اللِّقَاحُ وَاحِدٌ» (١).

ولو كان أخوه من النسبِ ابنَ زوجتِه؛ حرُمتْ عليه زوجتُه؛ لأنها [أمُّه، أو امرأة أبيه] (٢)، وكلاهما حرامٌ.

وأمَّا أمُّ أخيه من الرضاعةِ؛ فليست أمَّه، ولا امرأةَ أبيه؛ لأن زوجَها صاحبَ اللبنِ؛ ليس أبًا لهذا، لا نسبًا ولا رَضاعًا.

فإذا قال القائل: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يحرُمُ من الرَّضاعِ ما يحرُمُ من النسَبِ»، وأمُّ أختِه من النسَبِ؛ حرامٌ عليه، فكذا من الرَّضاعِ.

قلنا: هذا تلبيسٌ وتدليسٌ، فإنه تعالى لم يقُلْ: «حُرِّمتْ أمَّهاتُ أخَواتِكم»، وإنما قال: {حرمت عليكم أمهاتكم}، {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم}، فحرَّمَ أمَّه، ومَنكوحةَ أبيه وإن لم تكُنْ أمَّه، وهذه تحرمُ من الرضاعةِ، فلا يتزوجُ أمَّه من الرضاعةِ، وأمَّا منكوحةُ أبيه من الرضاع؛ فالمشهورُ عندَ الأئمَّةِ: أنها


(١) رواه مالك في الموطأ ٢/ ٦٠٢، وعبدالرزاق (١٣٩٤٢).
(٢) في النسخ الخطية: (أمُّ أمِّه، وأمُّ امرأةِ أبيه) والتصويب من مجموع الفتاوى ٣٤/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>