للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يحرمُ مثلُ هذا في الرضاعِ، وهذا غلَطٌ منه؛ فإن نظيرَ المحرَّمِ بالنسبِ؛ أن تتزوجَ أختُه أو أخوه من الرضاعةِ بابنِ هذا الأخِ أو بأمِّه من الرضاعةِ، كما لو ارتضَعَ هو وآخَرُ من امرأةٍ، واللبنُ للفحلِ، فإنه يحرمُ على أختِه من الرضاعةِ أن تتزوجَ أخاه وأختَه من الرضاعةِ؛ لكن لكونِهما أخوَينِ للمرتضِعِ، ويحرمُ عليهما أن يتزوجا أباه وأمَّه من الرضاعةِ؛ لكونِهما ولدَيْهما من الرضاعةِ، لا لكونِهما أخوَيْ ولَدهما.

فمَن تدبَّرَ هذا ونحوَه؛ زالتْ عنه الشبهةُ.

وأما رَضاعُ الكبيرِ؛ فإنه لا يُحرِّمُ في مذهَبِ الأربعةِ (١)، وفيمن رضَعَ قريبًا من الحولينِ نزاعٌ؛ مذهبُ الشافعيِّ وأحمدَ: أنه لا يحرِّمُ (٢).

فأما الرجلُ الكبيرُ والمرأةُ الكبيرةُ؛ فلا يحرُمُ أحدُهما على الآخَرِ برضاعِ القرائبِ؛ مثلُ: أن تُرضِعَ زوجتُه لأخيه من النسبِ؛ فلا تحرمُ عليه زوجتُه؛ لما تقدَّمَ من أنه يجوزُ له أن يتزوجَ بالتي هي أختُه من الرضاعةِ لأخيه من النسبِ؛ إذ ليس بينَه وبينَها صلةٌ ولا رَضاعٌ، إنما حرُمتْ على أخيه؛ لأنها أمُّه من الرضاع، وليست أمَّ نفْسِه من الرضاعِ،


(١) ذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٣٤/ ٦٠: أن طائفة من السلف والخلف ذهبوا إلى أن إرضاع الكبير يحرم، وذكر أنه يجوز إن احتيج إلى جعله ذا محرم، ثم قال: (وهذا قول متوجه). وفي الاختيارات للبعلي ص ٤٠٨: (ورضاع الكبير تنتشر به الحرمة بحيث يبيح الدخول والخلوة إذا كان قد تربى في البيت، بحيث لا يحتشمون منه للحاجة).
(٢) واختار شيخ الإسلام أن الرضاع بعد الفطام لا ينشر الحرمة وإن كان دون الحول. ينظر: الاختيارات للبعلي ص ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>