للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفاعةً، فيُهدِيَ لك هديةً؛ فتقبَلَها»، قيل (١) له: أرأيتَ إن كانت هديةً في باطلٍ؟ فقال: «ذلك كفرٌ؛ {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئكَ هم الكافرون}» (٢).

ولهذا قال العلماءُ: إن مَن أهدى هديةً لوليِّ أمر ليفعلَ معَه ما لا يجوزُ؛ كان حرامًا على المُهدِي والمُهدَى إليه، وهي من الرِّشوةِ التي قال فيها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لعَن اللهُ الراشيَ والمرتشيَ والرائشَ» (٣)، وتُسمَّى: البِرْطيلَ، والبِرْطيلُ في اللغةِ: هو الحجرُ المستطيلُ فُوهُ.

فأما إذا أهدى له هديةً ليكُفَّ ظلمَه عنه، أو ليُعطِيَه حقَّه الواجبَ؛ كانت هذه الهديةُ حرامًا على الآخِذِ، وجاز للدافعِ أن يدفعَها كما قال: «إني لأُعطي أحدَهم العطِيَّةَ، فيخرُجُ بها يتأبَّطُها نارًا»، قيلَ: يا رسولَ اللهِ، فلم تُعطيهم؟ قال: «يأبُونَ إلا أن يسألوني، ويأبَى اللهُ لي البُخْلَ» (٤).

ومثلُ ذلك إعطاءُ من أعتقَ عبدًا وكتَم عتقَه، أو أسَرَّ خبرًا (٥)، أو كان ظالمًا للناسِ، فإعطاءُ هؤلاءِ جائزٌ للمُعطِي، حرامٌ عليهم أخذه.


(١) قوله: (قيل) سقطت من الأصل، والمثبت من (ك) و (ع) و (ز).
(٢) رواه البيهقي (٢٠٤٨١) بنحوه.
(٣) رواه أحمد (٢٢٣٩٩) من حديث ثوبان رضي الله عنهما، ورواه أحمد (٦٥٣٢)، وأبو داود (٣٥٨٠)، والترمذي (١٣٣٧)، وابن ماجه (٢٣١٣) من حديث عبد الله بن عمرو دون قوله: (والرائش).
(٤) رواه أحمد (١١٠٠٤)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٥) في (ك) و (ع) و (ز): أسر حرًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>