أحقُّ المسلمِينَ وأنفَعُهم للمسلمِينَ، وهذا واجبٌ على الإمامِ، وعلى الأئمَّةِ أن يعاوِنوه على ذلك.
فمن أخذ جُعْلًا من شخصٍ معينٍ على ذلك؛ أفضى إلى أن يطلُبَ هذه الأمورُ بالعوضِ، ونفسُ طلَبِ الولايةِ منهِيٌّ عنه، فكيفَ بالعوضِ؟! ويلزمُ توليةُ الجاهلِ والفاسقِ والفاجرِ، وتركُ العالمِ العادلِ القادرِ، وأن يُرزَقَ في ديوانِ المقاتلةِ الفاسقُ والجبانُ العاجزُ عن القتالِ، ويُتركَ العدلُ الشجاعُ النافعُ للمسلمِينَ، وفسادُ مثل هذه كثيرةٌ؛ بل يشفَعُ ولا يأخُذُ، هذا هو المأمورُ به.
وأما ذلِكَ الأمرانِ فكلاهما منهيٌّ عنه، ولكن إذا كان لا بدَّ من أحدهما؛ فقد يرجَّحُ هذا تارةً، وهذا أخرى، فإذا أخذَ وشفَعَ لمن لا يستحقُّ وغيره أولى؛ فليس له أن يأخذَ ولا يشفعَ، وتركُهما خيرٌ، وإذا أخذَ وشفعَ لمن هو الأحقُّ الأَوْلى؛ فهنا تركُ الشفاعةِ والأخذِ أضَرُّ من الشفاعةِ والأخذِ.
ويقالُ لهذا الشافعِ الذي له الجاه الذي تُقبَلُ به الشفاعةَ: يجبُ عليكَ أن تكونَ ناصحًا للهِ ورسولهِ ولأئمةِ المسلمِينَ وعامَّتِهم، ولو لم يكُنْ لك هذا الجاهُ والمالُ، فكيفَ إذا كان لك هذا الجاهُ والمالُ؟! فأنتَ عليكَ أن تنصحَ المشفوعَ إليه، فتبيِّنَ له من يستحقُّ الولايةَ والاستخدامَ والعطاءَ، ومَن لا يستحقُّ ذلك، وتنصحَ للمسلمِينَ بفعلِ مثلِ ذلك، وتنصحَ للهِ ورسولِه بطاعَتِه، فإن هذا من أعظمِ طاعتِه، وتنفعَ أخاك هذا المستحِقَّ بمعاونتِه على ذلك، كما عليكَ أن تصليَ وتصومَ وتجاهدَ في سبيلِ اللهِ.