للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إذا كان على وجهٍ لا يَنقُصُ الدينَ، وإنما فيه راحةُ النفسِ فقطْ؛ كالنظرِ إلى الأزهارِ؛ فهذا من الباطلِ الذي يُستعانُ به على الحقِّ.

وقد يُنظَرُ إلى الإنسانِ لما فيه منَ الإيمانِ والتقوى، وهنا الاعتبارُ بقلبِه وعملِه، لا بصورتِه.

وقد يُنظَرُ إليه لما فيه من الصورةِ الدالةِ على المُصوِّرِ؛ فهذا حسَنٌ.

وقد يُنظَرُ من جهةِ استحسانِ خَلْقِه.

فكلُّ قِسْمٍ من هذه الأقسامِ متى كان معه شهوةٌ؛ كان حرامًا بلا رَيْبٍ؛ سواءٌ كانت شهوةَ تَمتُّعٍ بنظر الشهوة، أو كان نظرًا بشهوةِ الوَطْءِ.

وفرْقٌ بينَ ما يجِدُه الإنسانُ عندَ نظَرِه إلى الأزهارِ، وعندَ نظرِه إلى النِّسوانِ والمُردانِ، فلهذا الفرقانِ افترقَ الحكمُ الشرعيُّ.

فصار النظرُ إلى المُرْدانِ ثلاثةَ أقسامٍ:

أحدُها: ما تُقرنُ به الشهوةُ؛ فهو حرامٌ بالاتفاقِ.

والثاني: ما يُجزَمُ أنه لا شهوةَ معه، كنظَرِ الرجلِ الوَرِعِ إلى ولدِه الحسَنِ وابنَتِه الحسناءِ، فهذا لا تُقرنُ معه شهوةٌ إلا أن يكونَ الرجلُ من أفجَرِ الخلقِ، ومتى اقترنَتْ به الشهوةُ؛ حرُمَ.

وعلى هذا؛ مَن لا يميلُ قلبُه إلى المُرْدانِ - كما كان الصحابةُ، وكالأممِ الذين لا يعرفونَ هذه الفاحشةَ - فإن الواحدَ من هؤلاءِ لا يُفرِّقُ بينَ نظَرِه إلى هذا الوجهِ وبينَ نظَرِه إلى ابنِه وابنِ جارِه وصبيٍّ أجنبيٍّ، لا يخطُرُ بقلبِه شيءٌ من الشهوةِ؛ لأنه لم يعتدْ ذلك، وهو سليمُ القلبِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>