للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت الإماءُ على عهدِ الصحابةِ يَمْشِينَ في الطرقاتِ مكشوفاتٍ (١) وتَخدِمُ الرجالَ معَ سلامةِ القلوبِ، فلو أرادَ الرجلُ أن يتركَ الإماءَ التركياتِ الحسانَ يَمْشِينَ بينَ الناسِ في مثل هذه البلادِ والأوقاتِ؛ كان من بابِ الفسادِ.

وكذلك المُرْدانُ الحسانُ، لا يصِلح أن يخرجوا في الأمكنةِ والأزمنةِ التي يُخافُ فيها الفتنةُ بهم إلا بقَدْرِ الحاجةِ، فلا يُمكَّنُ الأمردُ الحسنُ من التبرُّجِ، ولا من الجلوسِ في الحَّمامِ بينَ الأجانبِ، ولا من رقصِه بينَ الرجالِ، ونحوِ ذلك.

وإنما وقَع النزاعُ بينَ الناسِ في القسمِ الثالثِ: وهو النظَرُ إليه لغيرِ شهوةٍ، لكن معَ خوفِ ثَوَرانِها، ففيه وجهانِ في مذهبِ أحمدَ، أصَحُّهما، وهو المَحْكيُّ عن نصِّ الشافعيِّ وغيرِه: أنه لا يجوزُ.

والثاني: يجوزُ؛ لأن الأصلَ عدَمُ ثَوَرانِها.

والأولُ هو الراجحُ.

ومَن أدْمَنَ النظرَ إلى الأمردِ، وقال: لا أنظُرُ لشهوةٍ، فقد كذَبَ، فإنه إذا لم يكُنْ له داعٍ يحتاجُ معه إلى النظرِ؛ لم يكُنِ النظرُ إلا لما يحصُلُ في القلبِ من اللذةِ، وأما نظَرُ الفجأةِ فهو عَفْوٌ إذا صرَفَ بصرَه.

ويُقالُ: غضُّ البصرِ عن الصورةِ التي يحرُمُ النظرُ إليها له ثلاثُ فوائدَ:


(١) في مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٥٠): (متكشِّفات الرؤوس).

<<  <  ج: ص:  >  >>