للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورسولَه قد عقدا الأخوةَ بينهما، فيجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يكونَ حبُّه وبُغْضُه ومُوالاتُه تَابعًا لأمرِ اللهِ ورسولِه.

ومَن الناسِ مَن يقولُ: يُشرَعُ مثلُ تلك المؤاخاةِ والمحالفةِ، وهو يُناسِبُ مَن يقولُ بالتوارثِ بالمحالفةِ؛ لكن لا نزاعَ أن ولدَ أحدِهما لا يصيرُ ولدَ الآخَرِ، فإن اللهَ تعالى قد نسَخ التبنيَ الذي كان في الجاهليةِ؛ حيث كان الرجلُ يتبنَّى ولدَ غيرِه، وكذلك لا يصيرُ مالُ كلِّ واحدٍ مالًا للآخَرِ يُورَثُ عنه، ولكن إذا طابَتْ نفسُ الواحدِ بما يتصرفُ فيه الآخرُ من مالِه؛ فجائزٌ، كما كان السَّلَفُ يفعلونَ، وكان أحدُهما يدخُلُ بيتَ الآخرِ، ويأكُلُ من طعامِه معَ غَيْبتِه؛ لعِلمِه بطيبِ نفْسِه بذلك، كما قال تعالى: {أو صديقكم}.

وأما شربُ كلٍّ منهما دمَ الآخَرِ؛ فهذا لا يجوزُ، ويُشبهُ الذينَ يتآخَوْنَ متعاونينَ على الإثمِ بالاكتواءِ، وحبِّ المُرْدانِ، وهذا مثلُ مؤاخاةِ من ينتسبُ إلى المشيخةِ والسلوكِ للنساءِ، فيؤاخي أحدُهم المرأةَ الأجنبيةَ، ويخلو بها، وقد أقرَّ طوائفُ من هؤلاءِ بما جرى بينهم من الفواحشِ، فمثلُ هذه المؤاخاةِ مما فيه تعاونٌ على ما نُهِيَ عنه؛ حرامٌ بإجماعِ المسلمِينَ.

وإنما النِّزاعُ في مؤاخاةٍ يكونُ مقصودُها التعاونَ على البرِّ والتقوى؛ تجمَعُهما السُّنَّةُ، وتُفرِّقُهما البدعةُ؛ فأكثرُ العلماءِ لا يَرَوْنَها؛ اكتفاءً بالأخوةِ في الإسلامِ التي عقَدها اللهُ ورسولُه.

وبالجملةِ: فكلُّ شرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهو باطلٌ، وإن كان مائةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>