للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الرسولُ بأنه أمينُ هذه الأمةِ (١)، فكان فتحُ الشامِ على يدِ أبي عُبَيدةَ، وفتحُ العراقِ على يدِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ.

ثم لما مات يزيدُ بنُ أبي سفيانَ في خلافةِ عمرَ؛ استَعملَ مكانَه أخاه معاويةَ، وكان عمرُ بنُ الخطابِ من أعظمِ الناسِ فِراسةً، وأخبرِهم بالرجالِ، وأقومِهم بالحقِّ، وأعلَمِهم به، حتى قال عليٌّ: «كنا نتحدَّثُ أن السكينةَ تنطقُ على لسانِ عمرَ» (٢)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ ضرب الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِه» (٣)، وقال: «لو لم أُبعَثْ فيكم؛ لبُعِثَ عمرُ» (٤)، وما استَعملَ عمرُ ولا أبو بكرٍ منافقًا، ولا استَعملا من أقاربِهما، ولا كان تأخُذُهما في اللهِ لومةُ لائمٍ؛ بل لما قاتلوا أهلَ الرِّدَّةِ، وأعادوهم (٥) إلى الإسلامِ؛ منَعوهم ركوبَ الخيلِ، وحملَ السلاحِ، فكان عمرُ يقولُ لسعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ، وهو أميرُ العراقِ: «لا تستعملْ منهم أحدًا، وأن تشاوِرَهم (٦) في حروبِهم» (٧)، فإنهم كانوا أمراءَ أكابرَ؛ مثلُ: طليحةَ


(١) رواه البخاري (٤٣٨٢)، ومسلم (٢٤١٩) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (٨٣٤)، والطبراني في الأوسط (٥٥٤٩).
(٣) رواه أحمد (٢١٤٥٧)، وأبو داود (٢٩٦٢)، وابن ماجه (١٠٨) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، والترمذي (٣٦٨٢) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٤) رواه ابن عدي في الكامل (٤/ ٨٠)، ورواه أحمد (١٧٤٠٥)، والترمذي (٣٦٨٦) بلفظ: «لو كان من بعدي نبي؛ لكان عمر بن الخطاب».
(٥) في (الأصل): (وعادهم)، والمثبت من (ك)، ومجموع الفتاوى.
(٦) هكذا في الأصل و (ك)، وهو الموافق لمعنى الأثر، وفي مجموع الفتاوى ٣٥/ ٦٥: (ولا تشاورهم).
(٧) روى ابن سعد في الجزء المتمم للطبقات (ص ٥٠١)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٣٢٩)، وابن عساكر في تاريخه (٢٥/ ١٥٤)، أن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «أن شاور طليحة وعمرو بن معدي كرب في أمر حربك، ولا تولهما من الأمر شيئًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>