للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشرافُهم وجمهورُهم؛ احتاجَ الباقونَ أن يُظهِروا الإسلامَ نفاقًا؛ لعزِّ الإسلامِ وظهورِه في قومِهم، وأما أهلُ مكةَ فكان أشرافُهم كفارًا، فلم يكُنْ يُظهِرُ الإسلامَ إلا من هو مؤمنٌ ظاهرًا وباطنًا، فإن من أظهرَ الإسلامَ كان يُؤذَى ويُهجَرُ، فالمهاجرونَ كلُّهم لم يُتَّهَمْ أحدٌ بالنفاقِ، ولعنُ المؤمنِ كقَتْلِه.

وأما معاويةُ بنُ أبي سُفْيانَ، وأمثالُه من الطلقاءِ الذينَ أسلموا بعدَ الفتحِ؛ كعِكْرمةَ بنِ أبي جهلٍ، والحارثِ بنِ هشامٍ، وسُهَيلِ بنِ عمرٍو، وصفوانَ بنِ أميةَ، وأبي سفيانَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطلبِ؛ ممن حسُنَ إسلامُهم باتِّفاقِ الناس، ولم يُتَّهَمْ أحدٌ منهم بعدَ ذلك بنفاقٍ.

ومعاويةُ قد استَكْتَبَه رسول الله، وكان أكثرَ الناسِ كتابةً له، وقد رُوِي بإسنادٍ جيدٍ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «اللهُمَّ علِّمْه الكتابَ والحسابَ، وقِهِ العذابِ» (١)، وكان أخوه يزيدُ بنُ أبي سفيانَ خيرًا منه وأفضلَ، وهو أحدُ الأمراءِ الذينَ بعَثَهم أبو بكرٍ رضي الله عنه في فتحِ الشامِ، ووصَّاه بوصيةٍ معروفةٍ، وأبو بكرٍ ماشٍ ويزيدُ راكبٌ، فقال له يزيدُ: يا خليفةَ رسولِ اللهِ؛ إما أن تركبَ، وإما أن أنزلَ، قال: «لستُ براكبٍ، ولستَ بنازلٍ، إني أحتسِبُ خُطاي في سبيلِ اللهِ» (٢)، وعمرُو بنُ العاصِ كان هو الأميرَ الآخَرَ، والثالثُ: شُرَحْبيلُ بنُ حَسَنةَ، والرابعُ: خالدُ بنُ الوليدِ، وهو أميرُهم المُطلَقُ رضي الله عنهم أجمعينَ، ثم عزَله عمرُ، وولَّى أبا عُبَيدةَ الذي شهِدَ


(١) رواه أحمد (١٧١٥٢)، وابن خزيمة (١٩٣٨)، من حديث العرباض رضي الله عنه.
(٢) رواه مالك في الموطأ (٢/ ٤٤٧)، وسعيد بن منصور (٢٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>